للبحث الدقيق يمكنك استخدام البحث المتقدم أدناه

يعتمد البحث السريع على الكلمات الموجودة داخل عنوان المادة فقط، أما البحث المتقدم فيكون في كافة الحقول المذكورة أعلاه

جيل جديد صديق للبيئة من الهندسة الوراثية النباتية يعالج نقص الحديد المتاح للنباتات

  • الكاتب : د. طارق قابيل

    أستاذ التقنية الحيوية المساعد بكليتي العلوم والآداب - جامعة الباحة وكلية العلوم - جامعة القاهرة.

  • ما تقييمك؟

    • ( 3.5 / 5 )

  • الوقت

    10:01 ص

  • تاريخ النشر

    22 أغسطس 2019

يعاني ما يقرب من ثلث الأراضي الصالحة للزراعة في العالم تقريباً من نقص الحديد المتاح للنباتات، وبصفة خاصة الأراضي الحدية أو الهامشية، مما يجعلها غير مضيافة للمحاصيل الأساسية مثل الذرة وفول الصويا.

وفي دراسة نشرت نتائجها في دورية "بروسيدنجز اوف ذا ناشونال أكاديمي اوف ساينس" يوم 18 يونيو/حزيران 2019 كشف فريق بحثي بقيادة إليزابيث ساتيلي الأستاذ المشارك في الهندسة الكيميائية في جامعة ستانفورد الأمريكية عن آليات وراثية جديدة قد تسمح بحل هذه المشكلة.

عسر هضم نباتي

من المتوقع أن يصل عدد سكان العالم إلى 9.7 مليار في عام 2050، وسيحتاج البشر إلى مضاعفة الإنتاج الزراعي لإطعام الأعداد المتزايدة من البشر. أحد الحلول المتاحة هو زيادة الرقعة الزراعية واستغلال الأراضي الهامشية التي تستحق زراعتها بالتكلفة الحدية للمنتجات التي يمكن أن تنمو فيها.  ومن الواضح بجلاء أن هذه الأرض تعاني من مشاكل زراعية تتعلق بجودتها وخصوبتها، وأهمها عدم توافر عنصر الحديد لتغذية النباتات.

قام مختبر ساتيلي بدراسة الأحياء الدقيقة للتربة وبشكل خاص الميكروبيوم (مجتمع البكتيريا) الذي يعيش حول جذور النباتات لمساعدتها على معالجة المواد الغذائية بنفس الطريقة التي تساعد بها بكتيريا الأمعاء البشر على هضم الطعام. وتركز أبحاث ساتيلي على أحد أشكال عسر الهضم النباتي وهو عدم القدرة على امتصاص كمية كافية من الحديد، مما يعيق نمو المحاصيل ويخفض غلّتها. واكتشف فريقها تكيفاً وراثياً يسمح للنباتات بالنمو والازدهار في مثل هذه التربة الهامشية.

فتح القفل الكيماوي

عرف العلماء منذ فترة طويلة سبب حدوث مثل هذه المشاكل، فعلى سبيل المثال: يوجد في العديد من المناطق القاحلة في العالم، بما في ذلك غرب الولايات المتحدة، تربة قلوية، وتعمل هذه القلوية مثل قفل كيماوي يحبس الحديد في الأرض.

لكن بعد دراسة هذه المشكلة لسنوات عديدة، اكتشف مختبر ساتيلي كيف يتغلب نبات "أرابيدوبسيس ثاليانا"، على هذا النقص الحديدي بفضل الطريقة التي تتفاعل بها جذوره مع التربة القلوية. ويعرف هذا النبات باسم رشاد أذن الفأر، وهو نوع من النباتات الزهرية الصغيرة ويعده العلماء فأر التجارب النباتي، وتكتمل دورة حياته في مدة لا تتجاوز ستة أسابيع.

أظهر الباحثون كيف تفرز جذور نبات الأرابيدوبسيس جزيء من عائلة الكومارين يمارس سحباً كيميائياً يساعد على إخراج الحديد من التربة وتوفيره للنبات، متغلباً بذلك على التجاذب المضاد الذي تمارسه قلوية التربة. في أحدث تجاربهم، وجد الباحثون طريقة أخرى مفادها أن الكومارين قد يساعد النبات على التأقلم مع الظروف القلوية: جزيئات الكومارين التي تفرزها جذور النبات في التربة تدفع بكتيريا معينة للنمو. وبما أن البكتيريا تحتاج أيضاً إلى الحديد لتنمو، فإن الباحثين يعتقدون أن النبات يحاول حماية وصوله إلى المعادن الحيوية.

وقال ماثياس فوجيس، طالب الدراسات العليا الذي قاد هذا العمل الجديد في بيان صحفي لجامعة ستانفورد "لقد طور الأرابيدوبسيس مساراً أيضياً يغير كيمياء التربة المحيطة به، وميكروبيوم الجذر الخاص به عندما تكون إمداداته من الحديد محدودة". لدراسة كل هذه التفاعلات الكيميائية، والتي تحدث عادة تحت الأرض وبعيداً عن الأنظار، طوّر مختبر ساتيلي عملية تجريبية تعتمد على الزراعة المائية. ونمى فوجيس نباتات الأرابيدوبسيس في المياه التي كان محتواها الكيميائي والمعدني مماثل للموجود في التربة القلوية. وأضاف إليها أنواعا مختلفة من البكتيريا التي تشكل عادة ميكروبيوم جذر الأرابيدوبسيس.

سيحاول مختبر ساتيلي أن يفهم بشكل أفضل كيف يعمل تأقلم الكومارين حتى يتمكنوا في نهاية المطاف من هندسة نباتات مثل القمح والذرة حيوياً لزرعتها في التربة القلوية. وفي المستقبل، يمكن للباحثين استخدام هذه المنصة المائية لإنشاء بيئات تربة مختلفة لاختبار مدى تفاعل النباتات مع مشكلات أخرى مماثلة.

جيل ثاني من الهندسة الوراثية

بينما يستخدم الباحثون تقنية الزراعة المائية لاكتشاف تأقلم ميكروبيومات جذر نباتية أخرى، فإن ساتيلي تعتقد أن هذه النتائج البحثية سوف تؤدي إلى جيل ثانٍ من الهندسة الوراثية النباتية. فبدلاً من هندسة صفات يُكسبها الإنسانُ للنباتات في المختبر، سيكتسب العلماء القدرة على نقل الصفات التي تطورت بشكل طبيعي من نبتة إلى أخرى. وتقول ساتيلي في بيان صحفي لجامعة ستانفورد "ما نتخيله هو نوع جديد من علوم المحاصيل والدهاء البيئي".. "قد نكون قادرين على أخذ الصفات الوراثية المطوّرة من خلال الانتقاء الطبيعي ونقلها إلى حيث نحتاج إليها".

تعتقد ساتيلي أن هذا البحث سيمكّن العلماء من لصق هذه الآلية التكيفية في جينومات المحاصيل الأساسية، وبالتالي يفتح المزيد من الأراضي الزراعية لإنتاج الغذاء، ويؤدي إلى شكل جديد وصديق للبيئة من الهندسة الوراثية النباتية.


المراجع:

 


البريد الإلكتروني للكاتب: tkapiel@sci.cu.edu.eg | tarekkapiel@hotmail.com

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

مواضيع ذات علاقة

0 التعليقات

أضف تعليقك

/* Whatsapp Share - 26-6-2023 */