للبحث الدقيق يمكنك استخدام البحث المتقدم أدناه

يعتمد البحث السريع على الكلمات الموجودة داخل عنوان المادة فقط، أما البحث المتقدم فيكون في كافة الحقول المذكورة أعلاه

المهندس المعماري والتغيرات المجتمعية والتكنولوجية

  • نعيمة صديقي

    رئيسة مصلحة الهندسة المعمارية / مؤسسة BERM – الجزائر

  • ما تقييمك؟

    • ( 4 / 5 )

  • الوقت

    09:51 ص

  • تاريخ النشر

    07 نوفمبر 2023

في عالم المهندس المعماري، تتجاوز التحديات العادية حدود المألوف، حيث يتعامل مع تغيراتٍ مجتمعية وتكنولوجية تتسارع بشكلٍ واضح. إنه عالم متعدد الأبعاد يتطلب الإبداع والرؤية الشاملة لمواكبة روح العصر الحديث. ويجد المهندس المعماري نفسه في موقعٍ متقدم لتحويل التوجهات الجديدة في استخدام المساحات وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات إلى تصميماتٍ واقعية وملهمة، ويسعى جاهدًا لتلبية احتياجات ومتطلبات المجتمع المحيط وتعزيز جودة الحياة للأفراد.

منظمة المجتمع العلمي العربي

وفي هذا العالم المعماري الديناميكي، يتحوّل المهندس المعماري إلى رائدٍ مبدع يعزف سمفونية الفضاء والشكل، مُلهِمًا العالم من حوله بتصاميمه المستقبلية المذهلة. إنه يعبر عن فنه وعلمه في تحف فريدة من نوعها، تعكس تراث البشرية وتواكب تطلعاتها المستقبلية [1].

ويعدّ أحد الجوانب الرئيسية للتحديات المجتمعية التي يواجهها المهندس المعماري هو التغيّر في طرق استغلال المساحات، حيث يمكن أن تتطلب المجتمعات الحديثة مساحات متعددة الاستعمال تتيح للناس تنفيذ مختلف أنشطتهم في مكانٍ واحد وعلى المهندس المعماري أن يتعامل مع هذا التحدي من خلال تصميم مبانٍ مرنة وقابلة للتعديل [2]. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يتضمن التصميم استخدام جدران قابلة للتحريك أو أثاث قابل للتعديل لتحقيق مرونة أكبر في توزيع المساحات والعيش في بيئات متكاملة ونسرد هنا بعض الأمثلة التوضيحية:

1- يمكن تصميم أجنحة أو غرف في المنازل بطريقةٍ تسمح بتغييرات وتعديلات في المستقبل، كتحويل مكتب إلى غرفة نوم إضافية.
2- يمكن استخدام الألواح القابلة للتحريك في تصميم المكاتب لإنشاء فضاءات مرنة ومتعددة الاستخدامات وتشكيل مساحاتٍ مفتوحة كبيرة أو فصلها لإنشاء مكاتب فردية أو غرف اجتماعات صغيرة.
3- يمكن استخدام أرضيات مرنة وقابلة للتعديل في المدارس والجامعات، لتكييف الفضاءات بسهولة كأن تُرتَّب الأرضيات بشكلٍ معين لتكوين فصول دراسية تقليدية، أو مساحات مفتوحة لإلقاء المحاضرات، أو عقد الملتقيات، أو حتى ممارسة الأنشطة البدنية.
4- تَستخدم بعض المتاجر الجدران القابلة للتحويل، لتعديل تصميم المكان وفقاً لاحتياجات المتجر فتحرَّك هذه الجدران لتوسيع المساحة المعروضة أو تقسيمها لإنشاء أماكن مختلفة للمنتجات.
5- في المصانع والمستودعات، يمكن استخدام هياكل قابلة للتعديل (الأعمدة والجدران الداخلية والأسقف) لتحقيق مرونة في التخطيط والاستخدام لتناسب متطلبات التخزين وعمليات الإنتاج المتغيرة.

 

استخدام هياكل قابلة للتعديل لتحقيق مرونة في التخطيط والاستخدام. المصدر

 

ومن ناحيةٍ أخرى، على المهندس المعماري أن يكون متنبهاً للثقافة والقيم المجتمعية، والتي على أساسها تختلف احتياجات المجتمعات [3]. فينكبّ على دراسة وفهم الثقافة المحلية، والتفاعل مع المجتمع للحصول على رؤيةٍ شاملة حول احتياجاتهم وتطلّعاتهم، ليسهل عليه أن يترجم ذلك في تصميمات تعكسها العناصر المعمارية والتصميم الداخلي واختيار المواد والألوان التي تتناسب مع الثقافة المحلية وتعزز الهوية المجتمعية، ونذكر هنا بعض الأمثلة:

1- يعتبر الحفاظ على التوازن بين العمل والحياة العائلية في بعض الثقافات أمراً مهماً يتطلّب من المهندس المعماري تخصيص أماكن للأنشطة العائلية، وتوفير مرافق للأطفال ومساحات خضراء للاسترخاء.
2- في بعض المجتمعات، تلعب الديانة والتقاليد دوراً هاماً في تصميم دور العبادة ممّا يستدعي توفير مساحاتٍ للصلاة والشعائر الدينية ومراعاة القوانين والتوجيهات أثناء إنشاء التصميم.
3- يمكن أن يؤثّر الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع على احتياجاته المعمارية. ففي المجتمعات ذات الدخل المحدود، قد يتطلّب التصميم توفير مساكن بأسعارٍ معقولة ومرافق اجتماعية مشتركة تخدم الجميع.
4- في المجتمعات ذات التراث والهوية الثقافية القوية، على المهندس المعماري أن يراعي المحافظة على العناصر التقليدية والمعمارية التاريخية ويدمجها في التصاميم الحديثة.


ولا يمكننا أن ننسى أيضاً أنّ التغيرات التكنولوجية والمجتمعية تتطلّب من المهندس المعماري التواصل والتعاون مع فرق عمل متعددة التخصصات، إذ عليه التفاعل مع المهندسين الميكانيكيين والكهربائيين ومصممي الإضاءة وغيرهم، لتحقيق تكامل المشروع وضمان تنفيذه بنجاح [4].

في النهاية، يمكن القول إنّ التغير المجتمعي والتكنولوجي يعتبر تحديًا مستمرًا للمهندس المعماري في العصر الحديث، ويجب أن يكون قادرًا على التكيف مع التوجهات الجديدة والابتكارات وتطبيقها في تصميماته ممّا يستوجب القدرة على التعلّم المستمر، ومواكبة التطورات في مجال التكنولوجيا والمجتمع، والاستعانة بالخبراء والمصادر المتاحة لتحقيق التصاميم المبتكرة والمستدامة التي تلبي احتياجات الناس وتسهم في بناء مستقبل مبهر للعمارة.

 

المراجع:

[1] Architectural Research Addressing Societal Challenges: Proceedings of the EAAE ARCC 10th International Conference (EAAE ARCC 2016), 15-18 June 2016, Lisbon, Portugal. CRC Press, 2019.
[2] Adaptable buildings: A systems approach, Jonathan Gosling at al., Sustainable Cities and Society, 7, 2013, 44-51.
[3] The Role of Culture in Promoting Architectural Identity, Sheida Ettehad et al., European Online Journal of Natural and Social Sciences, 3(4), 2014, 410-418.
[4] https://uni.xyz/journal/role-of-architects-in-the-multidisciplin [21/10/2023, 21:35]

 


تواصل مع الكاتب: b.naima.seddiki@gmail.com​

 


يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة

       

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

مواضيع ذات علاقة

0 التعليقات

أضف تعليقك

/* Whatsapp Share - 26-6-2023 */