للبحث الدقيق يمكنك استخدام البحث المتقدم أدناه

يعتمد البحث السريع على الكلمات الموجودة داخل عنوان المادة فقط، أما البحث المتقدم فيكون في كافة الحقول المذكورة أعلاه

دراسة حول الطب الشخصي للقطريين

  • الكاتب : عبدالحكيم محمود

    صحفي علمي

  • ما تقييمك؟

    • ( 5 / 5 )

  • الوقت

    11:31 م

  • تاريخ النشر

    01 يوليو 2018

مع تطور العلوم الطبية، وخصوصاً خلال العقود القليلة الماضية، تطور النموذج الطبي الكلاسيكي، وبالتحديد في الجزء الخاص باختيار أسلوب العلاج المناسب، وفي تقدير احتمالات الشفاء، وربما حتى التنبؤ باحتمالات الإصابة بالمرض، فيما أصبح يعرف بالطب الشخصي. الطب الشخصي هو نموذج طبي يعتمد على تخصيص الرعاية الصحية، حيث يتم تفصيل القرارات والممارسات أو المنتجات الطبية خصيصاً لتلائم المريض.

في بادئ الأمر استعمل مصطلح الطب الشخصي في حقل الوراثة، حيث لعب استعمال المعلومات الوراثية دوراً رئيسياً في جوانب من الطب الشخصي. ولاحقاً توسع المصطلح ليشمل جميع أشكال إجراءات الشخصنة. وعلى الرغم من أن الطب بحد ذاته يعتبر في الأصل "شخصياً" لكل مريض على حدة، إلا أن الطب الشخصي يعبر عن استخدام أنواع من المقاربات والتكنولوجيا أو الاكتشافات التي توفر مستوى جديداً من الشخصنة لم يكن ممكناً من قبل. فعلى سبيل المثال، يمكن من خلال فحوصات وراثية متخصصة، تحديد الجرعة المناسبة من دواء أو عقار طبي ما، بناء على التركيبة الوراثية للمريض، مما يضمن أكبر قدر من الفعالية الدوائية، بالترافق مع أكبر خفض ممكن للمضاعفات أو الآثار الجانبية التي قد تنتج عن العلاج.

وقد دخل الباحثون ومقدمو الرعاية الصحية، مؤخرًا، مرحلة طبية متقدمة، حيث تحسنت قدرتهم على فهم أسباب الإصابة بالأمراض القابلة للعلاج، والوقاية منها، ومعالجتها عبر دراستهم لأنماط حياة السكان وبصمتهم الوراثية. وقد أدى ذلك إلى تمكين الباحثين والأطباء من تصميم خطط علاجية تنظر بعين الاعتبار إلى جميع المتغيرات التي تساهم في زيادة فرص العلاج الناجح للمرضى، وشفائهم من الأمراض، بعد تحليلهم للتركيبة الوراثية للمرضى، وتاريخهم الطبي وأنماط حياتهم.

ولهذا فقد أنشأت عدد من الدول، من بينها قطر، بنوكًا حيوية واسعة النطاق، خلال السنوات الأخيرة؛ لتحسين مستوى فهمها لأسباب الإصابة بالأمراض الرئيسية التي تؤثر على سكانها، والمضي قدمًا على طريق تنفيذ مشاريع الطب الحيوي.

وفي اتجاه إنشاء موارد بيانات مُحكمة من أجل الإسهام في تشخيص الأمراض الوراثية بين المواطنين القطريين وسائر السكان العرب، بما يحقق  أهداف الطب الشخصي بالدقة المتوخاة قام باحثون من كلية وايل كورنيل للطب - قطر، جنباً إلى جنب مع نظراء لهم من مركز سدرة للطب وكلية وايل كورنيل للطب – نيويورك بإجراء دراسة مطوّلة نشرت في الدورية العلمية البارزة  Nature Communications والتي حملت عنوان (التحليل الكامل لتسلسل الإكسوم يحدّد المواقع المسئولة عن السمات الكمية الأيضية المتفاوتة).   

قام الباحثون في هذه الدراسة بتحليل المادة الجينية وعملية الإستقلاب عند ألف من المواطنين القطريين بُغية تحديد الصلات القائمة بين الاختلافات الجينية وعملية الأيض. وسبق أن أُجريت بحوث مماثلة على سكان أوروبيين، لكن هذه هي المرة الأولى التي تُجرى مثل هذه الدراسة الموسّعة على عينة من السكان العرب.

وذكرت كلية وايل كورنيل للطب – قطر أن هذه الدراسة تركزت على دور الفروقات الجينية بين الأفراد وقدرتهم على استقلاب جزيئات معينة من الأطعمة. وربما يفسّر بعض هذه الفروقات الجينية، التفاوت بين فرد وآخر في خطر الإصابة باضطرابات أيضية معينة، مثل داء السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية. وفي بيان الكلية المنشور على موقعها في الانترنت قالت الدكتورة نهى يسري أستاذ مساعد في بحوث الطب الجيني في وايل كورنيل للطب – قطر وهي من المؤلفين الرئيسيين للدراسة:

إن الدراسة التي تحمل عنوان "التحليل الكامل لتسلسل الإكسوم يحدّد المواقع المسئولة عن السمات الكمية الأيضية المتفاوتة، الشائعة والنادرة، بين سكان دولة في الشرق الأوسط" هي دراسة الروابط الاستقلابية على نطاق الجينوم سبق أن أُجريت بين سكان قوقازيين، غير أنها لم تُجر من قبل على سكان شرق أوسطيين. لذا ارتأينا إجراء دراسة مماثلة للقطريين لفهم دور وتأثير الاختلافات أو الفروقات الجينية في مستويات المستقلبات في حالة الصحة وحالة المرض. وسهّلت تقنية مطوّرة تُعرف باسم التحليل الكامل لتسلسل الإكسوم دراسة تأثير المتغيرات الوظيفية، لا سيما ما يتعلق بتنظيم المسارات الاستقلابية".

وأضافت قائلة: "هذه الدراسة هي الأولى التي تُجرى على سكان شرق أوسطيين، وستعود بالفائدة على المنطقة برمتها. وقد تتيح لنا نتائج هذه الدراسة يوماً ما التنبؤ باحتمال إصابة فرد معين بمرض ما، وقد تقود نحو طب شخصي أكثر دقة وفعالية. وتمهّد الدراسة أيضاً لجهود بحثية مشتركة بالتعاون مع نخبة من أهمّ المؤسسات الطبية والبحثية في قطر لإدماج بيانات بيولوجية أخرى مثلا التخلقات الجينومية وغيرها بالمتغيرات الجينية، وهو ما يعزز الخيارات العلاجية لسكان بلدان المنطقة كافة".

استعان الباحثون بتقنية تُعرف باسم "تحليل التسلسل الكامل للإكسوم"، والإكسوم هو ذلك الجزء من الجينوم الذي يضمّ كافة الجينات المشفّرة للبروتين. ثم استخدم الباحثون تقنية فائقة الدقة لتحديد السمات الأيضية بُغية رسم خريطة مسحية للعمليات الأيضية (الاستقلابية) عند كل فرد. وتم تحليل ما مجموعه 1.303 مستقلبة أو متأيضة. ومن ثم تمت مقارنة مجموعتين من البيانات باستخدام حواسيب فائقة الأداء لرصد الصلة أو الرابطة بين الاضطرابات الأيضية والفروقات الجينية ضمن مواقع محددة على الكروموسوم. وفي المجمل، اكتشفت الدراسة 21 موقعاً جينياً شائعاً و12 موقعاً نادراً، وشكلت المواقع المكتشفة 45%، من المفترض أن تكون مقتصرة على القطريين.

وهذه الدراسة هي الأحدث ضمن سلسلة من المشاريع البحثية التي تنصبّ على جينوم المواطنين القطريين وتقودها وايل كورنيل للطب - قطر ووايل كورنيل للطب - نيويورك. وكانت دراسة سابقة قد حقّقت السبق في تدوين كمية ضخمة من البيانات الجينية لعينة واسعة من المواطنين القطريين ومن ثم إرساء "جينومية مرجعية" تمثل مورداً أساسياً لفهم طبيعة الأمراض بين سكان معينين وأساساً للطب الشخصي.

أيضاً تضمن البيان الصادر عن كلية وايل كورنيل للطب – قطر تصريح لأحد المؤلفين الرئيسيين للدراسة وهو الدكتور خالد فخرو مدير علم الوراثة البشرية في مركز سدرة للطب وأستاذ مساعد في بحوث الطب الجيني في وايل كورنيل للطب – قطر قال فيه:

خلاصة هذه الدراسة أن علم الوراثة ربما لا يعطينا بمفرده صورة كاملة عن صحة الإنسان ومرضه، لذا فإن لتحليل الجوانب الأيضية أهمية بالغة في سدّ الثغرات القائمة. ووضعنا من خلال هذه الدراسة خريطة أولية لما يمكن وصفه بـاللمحة الأيضية الصحية العامة للمواطنين القطريين، ويمكن أن تمثّل هذه الدراسة منطلقاً لدراسات مستقبلية لأغراض المقارنة بـ"الحالة المرضيّة" لهم.

وأضاف الدكتور فخرو قائلاً: "واستحداث هذه اللمحة العامة لألف من المواطنين القطريين ما هو إلا متابعة لجهودنا البحثية السابقة لدراسة الجينومات القطرية وإجراء تحليل موسّع لسكان قطر. وهدفنا أن نسهم بهذه الاكتشافات في إثراء بحوث الطب الحيوي في قطر، ونأمل أن تشكّل معاً أساساً متيناً يستند إليه الطب الدقيق في قطر، حيث يتسق ذلك مع فلسفة مركز سدرة للطب الرامية إلى تقديم الرعاية الصحية الشخصية للنساء والأطفال واليافعين في قطر".

ومن أبرز المساهمين الآخرين في الدراسة، الدكتور كارستن زوري أستاذ الفسيولوجيا والفيزياء الحيوية ومدير مختبر المعلوماتية الحيوية في وايل كورنيل للطب – قطر وأحد الباحثين المعروفين في مجال علم الأيض، والدكتور رونالد كريستال أستاذ ورئيس قسم الطب الجيني في وايل كورنيل للطب – نيويورك وأحد خبراء الطب الجيني المعروفين في العالم. وقال الدكتور زوري: "نحن سعداء بتوحيد علمين مهمين هما علم الجينوم وعلم الأيض في دراسة واحدة. فدراسة الرابطة بين الجينات والأيض تجعلنا نفهم طبيعة الأمراض بطريقة أشمل بكثير".


رابط الدراسة في Nature Communication

 

البريد الإلكتروني للكاتب: abualihakim@gmail.com

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

مواضيع ذات علاقة

0 التعليقات

أضف تعليقك

/* Whatsapp Share - 26-6-2023 */