لكن هل إعادة هذا النوع من الكائنات المنقرضة التي أتمت دورتها الطبيعية في الحياة فكرة جيدة؟ " يجيب الدكتور "باري فولير"، الخبير في علم درجة الحرارة المنخفضة وحفظ الأنسجة في جامعة "يونفيرستي كوليدج" بلندن على هذا السؤال بقوله: "هل يمكننا أن نلعب مباريات كأس العالم القادم على القمر، نعم، لكن المال المطلوب سيكون غير قابل للتصديق"، ويضيف: "أنه من الأفضل التركيز على حفظ الحيوانات الموجودة لدينا حالياً."

ويوافقه في الرأي الأستاذ "أدريان ليستر"، من متحف التأريخ الطبيعي الذي قال: "ما هى الغاية من هذا العمل؟ نحن نعيد خلق حيوان اختفت بيئته الطبيعية التي يعيش فيها. أنه تصرف يشتبه بأنه غير أخلاقي إذا ما تم وضع هذا الحيوان في متنزه ألعاب، أوبوضعه في مكان أسوأ من ذلك كالمختبر مثلاً.. ومن ناحية المصادر فهناك العديد من الحيوانات الحالية القريبة من الانقراض والتي تحتاج لمحاولة حفظها أولا." ويعتقد ليستر بأنّ إعادة الحيوانات المنقرضة حديثاً سيكون أكثر واقعية، مثل حيوان "كواجا" قريب الحمار الوحشي أوالنمر التسماني، فكلاهما أبادهم الإنسان في السنوات الـمئة الماضية، ويجب عليه رد الاعتبار لهما عن طريق إعادة استنساخهما من جديد.

الحلم بات وشيك التحقيق

لقد فتحت البحوث الأخيرة عالم من الخيال بات وشيك التحقيق لأن إصرار العلماء على المضي في هذا الطريق الوعر، ونهمهم لرؤية الحيوانات التي عاشت في القرون السحيقة لا يمكن أن يوقفه رادع أويمنعه قانون، وقد نجح العلماء في استنبات بكتيريا قطبية يتجاوز عمرها الثمانية ملايين عاماً بعد أن عادت للحياة والنمو (حين شعرت بالدفء) مع تمتعها بكامل شفرتها الوراثية العتيقة، ومثل هذه الاكتشافات جعلت العلماء يتساءلون الى أي حد يمكن تصبير الحياة، تحت درجة الصفر، وإلى أي عمر يمكن أن تظل المورثات سليمة وقابلة للاستنساخ مجددا!؟

الحقيقة أن استخراج الشفرة الوراثية (بعد ثمانية ملايين عام) يعني إمكانية استنساخ المخلوقات المنقرضة في حال سلامة شفراتها الوراثية المستخرجة كما رأينا في فيلم الحديقة الجوراسية، كما يعني إمكانية استعادة أي مخلوق منقرض في حال العثور على ما يكفي من حمضه الوراثي النشط. وهذه الفكرة تستقطب اليوم (رغم الجانب الخيالي فيها) جهود العلماء في جامعات ودول كثيرة حول العالم؛ فمتحف سيدني للأحياء مثلا يحاول منذ التسعينيات استنساخ النمر التاسماني المنقرض وقبل فترة بسيطة وزعت وكالات الأنباء صوراً لبقرتين تم استنساخهما في البرازيل من أحد الأنواع المنقرضة (حديثا) أطلق عليهما اسما "بورا" و"بوتيرا".. أما في الهند فيحاول العلماء استعادة "الفهد الإيراني" من خلال استخلاص الأحماض الوراثية الموجودة في عظامه (التي ماتزال متداولة في الهند وإيران لأغراض طبية مختلفة.

وعلى ما يبدوا أن ما كان يوماً حلماً مستحيلاً قد تقدم اليوم خطوة عملاقة نحوتحوله إلى حقيقة، ومن المتوقع أن تستخدم التكنولوجيا الوراثية الجديدة، لإعادة الحياة إلى أنواع منقرضة من الحيوانات النافقة الأخرى. ولهذا يحتفظ العلماء ببعض الأنسجة والخلايا من بعض الكائنات المنقرضة لاستنساخها من جديد بعد التطور التقني المرتقب لبناء أغرب حديقة حيوان في التاريخ الحديث. فهل يتحقق الحلم قريباً في العام الجديد.. وماذا ستنبئ عنه الأيام القادمة في المستقبل القريب وإنا معكم لمنتظرون.

البريد الإلكتروني للكاتب : tarekkapiel@hotmail.com