للبحث الدقيق يمكنك استخدام البحث المتقدم أدناه

يعتمد البحث السريع على الكلمات الموجودة داخل عنوان المادة فقط، أما البحث المتقدم فيكون في كافة الحقول المذكورة أعلاه

الوضع المائي في دول الخليج العربي

تحديات التنمية وآفاق المستقبل

  • الكاتب : الدكتور باسم حسن شومر

    خبير جودة المياه والبيئة

  • ما تقييمك؟

    • ( 4 / 5 )

  • الوقت

    02:41 م

  • تاريخ النشر

    28 نوفمبر 2015

قبل عقود قليلة خلت، وقبل إنشاء محطات تحلية المياه، كنت تسمع مفردات كثيرة في منطقة الخليج العربي ارتبطت بالمياه ووجودها مثل وادي السيل، الريان، الغرافة، المسيلة، وغيرها وهي لازالت ماثلة أمام كبار السن إذ ارتبطت بالوديان والعيون والآبار والأنهار في منطقة الخليج مصدراً وحيداً لمياه الشرب والاستعمالات الأخرى قبل الطفرة الصناعية والنهضة العمرانية المعاصرة. وكانت هذه المصادر كافية لحاجات الإنسان المختلفة وخصوصاً تلك المرتبطة بالرعي وبعض الزراعات المحدودة.

في خمسينات القرن الماضي بدأت محطات التحلية في الظهور وخصوصاً في الكويت، وكانت كلها تعتمد الأخذ من مياه البحر وتبخيرها ومن ثم تكثيف البخار ليكون مصدراً أساسياً ونظيفاً لمياه الشرب وغير ذلك. وفي تلك الأثناء كانت محطات التحلية منفصلة عن محطات إنتاج وتوليد الطاقة باستخدام النفط والغاز. وبدأت الكثير من الدول وخصوصاً السعودية في إنشاء محطات تحلية كثيرة لكنها صغيرة في معظمها وتغذي مناطق سكنية محدودة. ومع ستينات القرن الماضي بدأت المحطات في التوسعة وترافق ذلك مع اكتشافات كبيرة للنفط والغاز، وحيث لا تزال عملية التحلية معتمدة على ذات المبدأ، فقد بدأت الكويت بإنشاء محطات التحلية مرافقة وملازمة لمحطات توليد الطاقة. إذ أن الأخيرة مرتبطة بإنتاج كمية كبيرة من الطاقة يتم الإستفادة منها في عملية تبخير مياه البحر وتحليتها. وحالياً، فإن كل دول الخليج العربي دون استثناء تعتمد أساساً على مياه البحر المحلاة ولو بدرجات متفاوتة، فبعض الدول مثل قطر والبحرين تعتمد بنسبة تصل إلى 100% تقريباً على مياه البحر المحلاة مصدراً للشرب وللقطاعات الصناعية المختلفة، وأخرى مثل السعودية يصل اعتمادها في أكثر من 75% على التحلية، مع العلم بأن مناطق سكنية كاملة تعتمد على التحلية بنسبة 100% مثل جدة والرياض. وبغض النظر عن الأرقام التي تجدها متفاوتة لذات الدولة ومن مصادر حكومية مختلفة، إلا أن الخلاصة تكمن في أن هذه الدول مجتمعة تملك أكثر من 57% من مجموع محطات التحلية على مستوى العالم، وأن نصيب الفرد من مياه الشرب في هذه الدول هو الأعلى في العالم، إذ يزيد عن 600 لتر للفرد الواحد في اليوم في دولة مثل قطر، في حين نصيب الفرد في الولايات المتحدة الأمريكية لا يتعدى 200 لتراً في اليوم، كما أن منظمة الصحة العالمية جعلت من 150 لتراً من المياه للفرد يومياً معياراً عالمياً يفي بكافة حاجات الفرد. وعليه لا غرابة أن تجد كافة التقارير العلمية تضع دول الخليج العربي من أكثر دول العالم فقراً بالمياه، لأن مصادر المياه الطبيعية غائبة أو شحيحة.

استيراد تكنولوجيا تحلية المياه وليس إنتاجها

وعلى الرغم من حاجة كافة دول الخليج العربي للمياه المحلاة واعتمادها على تكنولوجيا تحلية مياه البحر، إلا أنها لا تزال تستورد هذه التكنولوجيا منذ عقود، وكان بالإمكان عبر استراتيجيات وطنية، وضع خطط عمل معلومة الأجل تعتمد نقل الخبرات وإيفاد البعثات والشراكات العالمية وحتى إيجاد برامج دراسية جامعية هندسية متخصصة في هذه الدول أو بعض منها، تضمن وجود كفاءات وطنية مؤهلة للقيام بمختلف المهام، ابتداء من عمل الدراسات اللازمة واختيار المكان ووضع التصاميم وعمليات الإنشاء والتشغيل والصيانة. إن تعاقب الشركات المصنعة والموردة والمشغلة لمحطات التحلية تشكل تحدياً كبيراً للكثير من دول الخليج العربي، ورغم أن التكنولوجيا المعمول بها عموماً في مختلف الدول، هي تكنولوجيا قديمة "التحلية الحرارية" وقد مضى عليها عقود، إلا أن جميع الدول تستوردها سواء من شركة مصنعة واحدة أو من أكثر من شركة، خصوصاً إذا علمنا أن محطات التحلية تقترن بمحطات توليد الطاقة. ولعل من أبرز التحديات العلمية، هو غياب التنسيق بين المحطات الموجودة وإتاحة المجال للباحثين والدراسين للإطلاع على المشاكل الفنية والتعاون لأجل حلها، دون الحاجة لإنشاء محطات تحلية خاصة بالبحث العلمي. لذا فإن الشراكة وفتح المجال للمعاهد والمراكز البحثية والجامعات من شأنه إثارة الكثير من المسائل العلمية الحقيقية وحلها سواء حاضراً أو مستقبلاً.

البحث العلمي والتطوير في قطاع المياه

لابد من القول أن العديد من دول الخليج العربي قطعت شوطاً لا بأس به في مجال البحث العلمي والتطوير، ولعل الكويت والسعودية وقطر أنشأت معاهد ومؤسسات ومعاهد علمية متخصصة على المستوى الوطني للتعاطي مع الوضع المائي كأحد أهم التحديات الوطنية، وأقرت ميزانيات خاصة بذلك، وجلبت مهارات وخبرات عربية مميزة، وأخرى عالمية، وعقدت الكثير من المؤتمرات والندوات واللقاءات لعرض الأفكار وتبادل الآراء ومناقشتها. لكن هذا الجهد البناء لا يتناسب مع التحديات الكبرى، علاوة على أن معظم هذه المؤسسات والمعاهد حديثة العهد نسبياً، ولا بد من المتابعة والمثابرة والرعاية من أعلى المستويات، وإدراك أن البحث العلمي والتطوير عملية طويلة وشاقة، لأنها تمثل الإستثمار الحقيقي على المدى البعيد. وخلال الخمسة أعوام الماضية يمكن القول أن الكثير من الدراسات المميزة في مجال هندسة المياه وعلومها في الخليج العربي، أصبحت متاحة للدارسين والباحثين، ويمكن البناء عليها، وهي تقدم مادة علمية جيدة وحديثة يمكن من خلالها الحد من الإعتماد على بعض الدراسات التي تتحدث عن تحلية المياه في الخليج العربي والتي أجريت عن بعد دون فهم سياق الواقع وتحدياته في المنطقة.

مشكلة عامة تتطلب جهداً مشتركاً

لا تشكل العادات والتقاليد والمناخ القاسم المشترك الوحيد بين دول الخليج العربي، بل إن البيئة الجافة والصحراوية في مجملها وشحة المياه، والنمو الإقتصادي تمثل كذلك عوامل أخرى مشتركة. كما أن دول الخليج تشترك في حاجتها للمياه عبر محطات التحلية، وخصوصاً عبر نفس البحر "الخليج العربي" الذي يمثل مصدراً للتحلية. هذا باستثناء غرب المملكة العربية السعودية التي تعتمد البحر الأحمر مصدراً للتحلية. كما أن تكنولوجيا التحلية في هذه البلاد متشابهة تماماً، وهي التحلية الحرارية، باستثناء محاولات وبدايات للتحلية بالأغشية في كل من الإمارات والسعودية وعمان. وعليه فمن الضروري وجود سياسات مائية مشتركة يمكن أن تحد من المخاطر المستقبلية، وتؤطر لتعاون وتنسيق يعزز فهم الحاضر وآليات التعامل مع المستقبل. إن دول مجلس التعاون بدأت فعلياً بصياغة مسودة لاستراتيجية موحدة للمياه وسوف يتم إقرارها عن قريب تظهر أهدافاً عامة وخطوات كفوءة للنهوض بقطاع المياه في كل هذه الدول بما يلبي المصلحة العامة ويخقق لكل دولة حاجاتها.

التعليم والوعي مفتاح النهوض

إن اشتمال مناهج التعليم من المراحل المبكرة جداً (رياض الأطفال) حتى الجامعة لتعزيز وعي الأجيال بالتحديات المائية الراهنة والمستقبلية أمر في غاية الأهمية، وكذلك كيفية مساهمة الفرد والأسرة في المحافظة على موارد المياه وترشيد استهلاكها. وحيث تشترك دول الخليج العربي في ذات المشكلة، وتتعدى قضية المياه الحدود القطرية، فينبغي وجود صيغة موحدة في كتب التدريس على اختلاف مراحلها، مع وجود هامش وخصوصية لكل دولة. إن المسئولية التعليمية لا تقل بحال عن مسئولية الأسرة، فالمادة الدراسية التي يمتحن فيها الطالب لابد وأن تجد صداها في الممارسة اليومية، ويمكن قطف ثمارها على المدى البعيد عبر جيل يهتم لمستقبله وازدهار بلده. ويجب أن تراعي هذه المناهج دورة المياه، وتكنولوجيا التحلية، وترشيد الإستهلاك، والتعاون بين مختلف المؤسسات، علاوة على التعاون الإقليمي بين مختلف دول الخليج العربي. كل ذلك يجب أن يكون مدعوماً بزيارات ميدانية لمحطات التحلية وربط الأمور النظرية بالتطبيقية، الأمر الذي من شأنه استقطاب كفاءات طلابية يمكن أن تتخصص في هذا العلم بما يضمن التنمية البشرية المستدامة.

ترشيد الإستهلاك يجب أن تصاحبه سياسة مالية

من المعروف أن الكثير من مواطني دول الخليج العربي لا يدفعون فاتورة للمياه، وأن البعض الآخر يدفعون فاتورة رمزية لا تتناسب والحجم الهائل للمياه التي يستخدمونها. ومع عدم الخوض في هذه المسألة كثيراً، إلا أنه لابد من وجود آلية يفهم من خلالها المواطن أن الماء سلعة غالية يتكلف إنتاجها وإيصالها إليه الكثير من المال والجهد، وعليه أن يساهم في بعض من فاتورة التكاليف. إن وجود عدادات المياه أمر في غاية الأهمية، ليس فقط للمستهلكين، بل أيضاً للمشرعين والقائمين على "صناعة المياه". ويمكن التفكير في العديد من الآليات التي تلزم المواطن بدفع فاتورة معينة إذا زاد استهلاكه عن كمية معينة من المياه. كما أن الترشيد يجب أن يصل كل بيت، وحملات الترشيد يجب أن تعرف المواطن بكيفية استخدام المياه ومواعيدها وتقليل الفقد، والحرص على المياه كمصدر وثروة مشتركة. ويمكن أيضاً تحفيز المواطن عبر الندوات والجوائز وما إلى ذلك بأهمية المياه كسلعة غالية الثمن يجب المحافظة عليها للأجيال القادمة.

الإفادة من مياه الصرف الصحي المعالجة يقلل من الهدر والإستهلاك

تفتقر الكثير من دول الخليج العربي لاستراتيجيات متكاملة للمياه وإدارتها، وإن وجدت فإنها تخلو من استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة. ولعل عدم تحمل المواطن لتكاليف المياه يجعله يعزف بالأساس عن التفكير في الإفادة من المياه العادمة المعالجة. يلاحظ المراقب والمهتم أن معظم دول الخليج لديها محطات لمعالجة مياه الصرف الصحي كأفضل ما يكون، وتفوق في أدائها ومواصفاتها الكثير من الدول الأوروبية وحتى في الولايات المتحدة الأمريكية. فالمعالجة في دول الخليج لا تقتصر على المرحلة الأولى أو الثانية بل تتعداها إلى الثالثة والمتقدمة التي تشمل التعقيم وإزالة كل من النيتروجين والفسفور ويعقب ذلك استخدام الأغشية كما هو الحال في دولة قطر. كما أن هناك محاولات دؤوبة لاستخدام تكنولوجيا "النانو" وطرق الأكسدة الحديثة في المعالجة بما يضمن التخلص من كافة الملوثات الكيميائية والطبية والصناعية. ومع ذلك، فإن استراتيجية إعادة استخدام هذه المياه وفق هذه الجودة العالية لا تزال غائبة في هذه الدول، ولا نبالغ في القول أن هذه المياه المعالجة مكلفة للغاية، فهي في الأصل مياه بحر محلاة "بالتحلية الحرارية" المكلفة، ثم تحولت إلى مياه عادمة تم جمعها ومعالجتها وفق أعلى المستويات، لكن الحلقة المفقودة هي إعتبار هذه المياه مصدراً إضافياً للمياه ووضع أسس علمية للإفادة منها. إن الإفادة من مياه الصرف الصحي المعالجة، يجب أن تراعي النواحي الدينية والثقافية والإجتماعية علاوة على المعايير العلمية وتأثيرات ذلك على البيئة –التربة والنبات والمياه الجوفية- في دول الخليج عموماً على المدى القريب والبعيد. ولقد أثبتت تجارب رائدة –مثلما هو الحال في أبو ظبي- أن إعادة استخدام المياه العادمة المعالجة يمكن أن يزيد المساحات الخضراء ويحد من التصحر وموجات الغبار ويخلق نظاماً بيئياً متوازناً، إضافة إلى حسن المنظر وجمال الطبيعة.

يجب الإنتقال إلى التحلية بالأغشية

لقد انتقلت معظم الدول في العالم والتي تعتمد على التحلية إلى تكنولوجيا التحلية عبر الأغشية، عوضاً عن التكنولوجيا القديمة "التحلية الحرارية" وذلك منذ ما يزيد عن العقدين. والتحلية بالأغشية معروفة بعملية "التناضح" والشائع منها "التناضح العكسي" كما أن هناك محاولات كثيرة لما يعرف "بالتناضح المباشر أو الطبيعي". وقد أثبتت التحلية بالأغشية فعالية أكبر، فهي أقل تكلفة، فعلى سبيل المثال تتكلف تحلية المتر المكعب من مياه البحر بالتحلية الحرارية ما متوسطه 3 دولارات، في حين لا تتجاوز التكلفة دولار ونصف عند التحلية بالأغشية. والأهم أن هذه التكنولوجيا أقل استخداماً للطاقة، بل إن الطاقة تقتصر فقط على المضخات، ولا وجود "للبخار" الذي هو الأساس في التحلية الحرارية. كما أن التلوث البيئي المصاحب للتحلية بالأغشية أقل بكثير، فنسبة الإنبعاثات الكربونية هي الأدنى، كما أن التأثيرات على مياه البحر والنظام البيئي البحري هي الأدنى. وهناك قفزات علمية واعدة للتحلية بالأغشية تتضمن مواد جديدة تحسن الكفاءة وتتخلص من الملوثات ضئيلة التركيز، كما وأن هذه التكنولوجيا تقلل التكاليف وتزيد من عمر المحطات والأغشية نفسها.

إن دول الخليج العربي هي آخر منطقة على مستوى العالم التي لا تزال تعتمد التحلية الحرارية، غير أن المحاولات في الإنتقال للتحلية بالأغشية بدأت في الظهور في السنوات القليلة الماضية، لكن تظل هذه المحاولات محدودة الإنتشار والإنتاجية. ولا مناص عاجلاً أم آجلاً من الإنتقال للتحلية بالأغشية، سواء بشكل تدريجي، يدمج التحلية الحرارية بالتحلية بالأغشية، وصولاً إلا التحلية بالأغشية في نهاية المطاف. ومن المميزات الهامة لمنطقة الخليج هو إمكانية الإعتماد على الطاقة الشمسية أساساً لعملية التحلية، الأمر الذي يحد من التكاليف ويقلل الأخطار البيئية. إن اعتماد دول الخليج العربي على مصادر الطاقة الأحفورية "غير المتجددة" من النفط والغاز يضيف تحدياً إضافياً، فمصادر الطاقة هذه تتناقص مع الزمن ولابد من تلبية الحاجة للمياه بأقل معدلات استهلاك الطاقة، وعليه فالتحلية بالأغشية تبقي وفرة في النفط والغاز تضمن معدلات نمو على المستوى الوطني، لا تتأثر بالإنتاج المتزايد من المياه المحلاة.

لماذا تحديات دول الخليج العربي في المياه هي الأكثر تعقيداً

يكاد يكون الخليج العربي بحراً مغلقاً، فهو يقع في منطقة جافة وتحيط به الصحاري، كما أن مساحته محدودة وتبلغ 240000 كم2، ويقدر محتواه المائي ب 8630 كم3 ويصل أقصى طول له من شط العرب إلى مضيق هرمز ب 900 كم، في حين يختلف عرضه كثيراً من منطقة لأخرى ليصل أقله إلى 75 كم وأعرضه إلى 370 كم. وأما متوسط العمق فهو 35 متراً، إلا أن هذا العمق يقل كثيراً عند الشواطئ والمدن الجديدة في كل من الإمارات وقطر. ولعل من التحديات الكثيرة لمياه الخليج أنها في تناقص، سواء لأسباب طبيعية مناخية أو لأسباب بشرية ناجمة عن نقص المياه الرافدة له من نهري دجلة والفرات لأقل من 48 كم3 في العام، في حين معدلات البخر وفقد المياه تصل في متوسطها لأكثر من 500 كم3 في العام.

وتجدر الإشارة أن المياه الجوفية –المصدر الطبيعي الوحيد للمياه في الخليج- تم استنزافها على نحو غير مسبوق، فانخفض مستواها وتملحت بدرجة كبيرة، وأصبحت غير قابلة للإستخدام حتى في بعض الزراعات التي يمكن تحملها لبعض الملوحة. وإذا كان أشهر حوض مياه جوفي -أم الردومة- تشترك فيه العديد من دول الخليج من السعودية وقطر والبحرين والإمارات فإنه يمتد حتى العراق. وأي استخدام جائر واستنزاف له في أي من هذه الدول –وخصوصاً في الغرب- فإنه يؤثر كماً ونوعاً في مياهه لدى باقي الدول.

يمكن التنويه سريعا لثلاثة أمثلة تبرز عظم التحديات أمام محطات التحلية في الخليج العربي، أولها أن المحطات غير مجهزة ولا تملك الكفاءة الفنية لمعالجة التسربات الإشعاعية والنووية التي يمكن أن تجد طريقها لمياه الخليج، والثانية أن المحطات بمجملها غير قادرة على التعاطي مع كميات كبيرة للغاية من الطحالب البحرية وخصوصاً المجهرية منها والسامة، وقد رصدت حالات كثيرة قبل ذلك أدت لإغلاق بعض المحطات وتدني أداء البعض الآخر، وثالثها وهو التسرب النفطي في الخليج، إذ لا تتمكن المحطات من إزالة ملوثات النفط والغاز وفي هذه الحالة هناك ضرورة ملحّة لمعالجات أولية يجب من خلالها التخلص أولاً من النفط والغاز قبل وصول مياه البحر لمحطات المعالجة. وعلاوة على ما سبق، فإن مخزون المياه المحلاة في هذه الدول لا يكفي إلا لعدة أيام أو بعض أسابيع، وأية كارثة -لا سمح الله- يمكن أن تؤدي لشلل كامل في الحياة.

إن هشاشة الوضع في مياه الخليج تتزايد يومياً، فبحساب بسيط يمكن القول أنه للحصول على 100 م3 من المياه المحلاة بواسطة التحلية الحرارية فإنه يلزم ضخ حوالي 700 م3 من مياه البحر. والأهم أن الفرق يعود لمياه الخليج في شكل أملاح مركزة تختلط فيها الكثير من الكيماويات التي تم استخدامها أثناء عملية التحلية، منها المعقمات والمواد التي تمنع التكلس والرغوة وغير ذلك. وعليه فإن ملوحة الخليج تزداد جراء عمليات التحلية وارتفاع الحرارة والأهم هو عمليات التخلص من المياه المصاحبة لاستخراج النفط والغاز في الخليج، وهذه المياه غاية في الملوحة وتزيد معدلات الملوحة فيها عن خمسة أضعاف ملوحة مياه الخليج. ومن الجدير ذكره أن متوسط ملوحة مياه الخليج العربي (45 جرام من الأملاح المذابة في اللتر الواحد) ضعف ملوحة مياه البحر المتوسط.

 

البريد الإلكتروني للكاتب: bshomar@qf.org.qa

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

مواضيع ذات علاقة

0 التعليقات

أضف تعليقك

/* Whatsapp Share - 26-6-2023 */