للبحث الدقيق يمكنك استخدام البحث المتقدم أدناه

يعتمد البحث السريع على الكلمات الموجودة داخل عنوان المادة فقط، أما البحث المتقدم فيكون في كافة الحقول المذكورة أعلاه

كراسفاج: فيروس يحمله نصف سكان العالم

  • الكاتبون : أ.د. عبد الرؤوف علي المناعمة/ روان حسن ريدة

    دكتوراه في الأحياء الدقيقة /الجامعة الإسلامية بغزة

  • ما تقييمك؟

    • ( 5 / 5 )

  • الوقت

    03:37 ص

  • تاريخ النشر

    31 يوليو 2019

يُطلق مصطلح النبيت الفيروسي البشري The human virome على جميع الفيروسات التي يحملها جسم الإنسان سواء داخله أو على السطح بما في ذلك الفيروسات المسببة للعدوى مثل العدوى الحادة، المستمرة أو حتى الكامنة. ويشمل النبيت الفيروسي كذلك جميع الفيروسات التي تُعد جزءا لا يتجزأ من الجينوم البشري مثل الفيروسات القهقرية الداخلية Endogenous retroviruses. وتشير الدلائل الحديثة إلى أن النبيت الفيروسي البشري يتمتع باستقرار ملحوظ مقارنة بغيره في البيئات الأخرى المختلفة.

تُشكِّل العاثيات أو ما يعرف بلاقمات البكتيريا Phages وهي الفيروسات التي تغزو البكتيريا-النسبة الأكبر من النبيت الفيروسي المعوي البشري لدى الأفراد الأصحاء، مع ما يُقدَّر ب 5 × 10 9  عاثية لكل غرام من براز الإنسان، مقابل 9 × 10 10 من البكتيريا. هذا المقال يتعرض إلى أحد هذه العاثيات وهو فيروس واسع الانتشار، يقدر العلماء بأن نصف سكان العالم قد يحمله، ويتكاثر داخل البكتيريا في القناة الهضمية البشرية. يُعرف هذا الفيروس باسم CrAssphage. أطلق عليه هذا الاسم نسبة إلى تقنية التجميع المتقاطع Cross-Assembly التي اكتشف من خلالها، عندما لوحظ ظهور تسلسل معين من الحمض النووي DNA مراراً وتكراراً. 

نظراً لوجود هذا الفيروس داخل القناة الهضمية، فإن أخذ العينات من محطات معالجة مياه الصرف الصحي تُعد واحدة من أنجع الطرق وأكثرها كفاءة للحصول على سلالات متنوعة من الفيروس في بقعة جغرافية واحدة. وهذا ما عمد إليه 117 باحث حول العالم في دراسة تعاونية تُعنى بفيروس CrAssphag؛ حيث قاموا بتحليل أكثر من 32 ألف تسلسل للفيروس كانت موزعة على 67 دولة في كل القارات، ويمكن القول إن هذه الدراسة غطّت ثلث دول العالم. وتبين أنه على الرغم من أن عالمنا مترابط بصورة وطيدة، إلا أن سلالات الفيروس اختلفت باختلاف المنطقة الجغرافية؛ أي أنَّ سلالات فيروس CrAssphag تتشابه لدى الأفراد في نفس المنطقة الجغرافية الواحدة ولكن تختلف مقارنة مع المناطق الأخرى. ويرجع السبب في ذلك على الأرجح إلى الانتشار السريع للفيروس محليا بين الأشخاص الذين يقطنون في نفس المنطقة. وبينت الدراسة ايضا امكانية حمل الأفراد لسلالات مختلفة من الفيروس، فقد وجدوا طفلاً في الولايات المتحدة الأمريكية يحمل 1409 سلالة مختلفة، ورضيعاً في فنلندا يحمل 748 سلالة. كما عُثر على سلالة واحدة من الفيروس في 104 عينة جُمِعت من أوروبا والشرق الأوسط وآسيا وأمريكا الشمالية. ربما يكون السفر البشري عبر القارات قد سهّل الانتشار العالمي لهذه السلالة، ولكن يبقى الاستقرار البيئي لها احتمالاً وارداً أيضاً.

نجح القائمون على الدراسة كذلك في تحديد الفيروس في عينات 134 رضيع من أصل 1000، داحضين بذلك التأكيدات السابقة على أن الفيروس لا يمكن اكتسابه مبكراً في المراحل الأولى من الحياة. 

وبسبب تساؤل الباحثين ما اذا كان السبب وراء انتشار فيروس CrAssphag هو سهولة السفر العالمي أم بفعل تطور الفيروس مع البشر منذ ملايين السنين، كان لابد عليهم أن يختبروا ذلك؛ فقاموا بالنظر إلى عينات البراز التي تم جمعها من المناطق الريفية في مالاوي، ومناطق أخرى في فنزويلا، إضافة إلى عينات معوية محنَّطة من مناطق الانديز ومن رجل الجليد الأوروبي (مومياء رجل حُفظت بشكل طبيعي في الجليد منذ العصر النحاسي أو نهاية العصر الحجري الحديث)، وأشارت النتائج إلى غياب الفيروس في  العينات القديمة، ولكن هذا لا يجزم أن الفيروس ليس قديماً، فربما يكون الحمض النووي للفيروس قد تحلل على مدى آلاف السنين.

كما خلُص الباحثون إلى أنَّ فيروس CrAssphag جزء طبيعي من النبيت الميكروبي المعوي البشري، يُعتقد أنه يصيب مجموعة متنوعة من البكتيريا، خاصة من شعبة العصوانيات Bacteroidetes، كما أنه لا يصيب الخلايا البشرية، ولا يرتبط بالإسهال أو أي متغيرات أخرى مرتبطة بالصحة. وقد يتفوق فيروس CrAssphag على البكتيريا في استخدامه كمؤشر على التلوث بالبراز البشري. 

إن استخدام الفيروسات البكتيرية "العاثيات" كمؤشر لتلوث المياه بالمخلفات الآدمية ليست بالفكرة الجديدة فقد كانت هناك محاولات لاستخدام العاثيات المعروفة باسم كوليفاج، لكن دقة هذا الفحص ودلالاته كانت محط انتقادات وربما يشكل هذا الفيروس بارقة أمل جديدة في إيجاد وسيلة أكثر دقة للكشف عن تلوث المياه بمخلفات آدمية.

هذا الكشف يوضح مدى تعقيد الحياة في أمعاء الإنسان والاتزان الدقيق في أعدد وأنواع الميكروبات المختلفة، وربما يفتح هذا البحث آفاقا جديدة لفهم أعمق لهذه البيئة المعقدة والتي يعتقد أن لها دور كبير في المحافظة على سلامة وصحة البشر.

 

المراجع:

 

 

البريد الإلكتروني للكاتبين: rawaaan10001@gmail.com | elmanama_144@yahoo.com

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

مواضيع ذات علاقة

0 التعليقات

أضف تعليقك

/* Whatsapp Share - 26-6-2023 */