للبحث الدقيق يمكنك استخدام البحث المتقدم أدناه

يعتمد البحث السريع على الكلمات الموجودة داخل عنوان المادة فقط، أما البحث المتقدم فيكون في كافة الحقول المذكورة أعلاه

تصورات حول المواطنة العالمية من وجهة نظر الطلبة في بعض الدول العربية

  • الكاتب : عبد الجليل العكاري

    أستاذ التعليم المقارن والدولي، جامعة جنيف، سويسرا

  • ما تقييمك؟

    • ( 4 / 5 )

  • الوقت

    02:57 ص

  • تاريخ النشر

    11 مايو 2020

مع إنطلاق فجر القرن الحادي والعشرين، وما تمخض عنه من ثورة معرفية وتكنولوجية مهولة وغير مسبوقة، وتحول العالم إلى قرية صغيرة، وظهور مفهوم العولمة الذي أحدث تغييراً جوهرياً في طبيعة المجتمعات كافة، حيث أن الانفتاح ما بين دول العالم ساهم لحد كبير على زيادة التلاقح الفكري والثقافي، وانتشار أفكار وقيم عالمية، وقد ساهم في تعميق هذا التيار في العالم المنظمات العالمية التي تعتبر وسيلة لتغلل هذه الأفكار والقيم الإنسانية المشتركة ما بين المجتمعات المختلفة، وقد تكون المواطنة العالمية إحدى هذه القضايا التي أصبحت منذ أنبلاج القرن الواحد والعشرين من بين الموضوعات التي يتناولها كثير من المفكرين والأكاديميين والسياسيين بالبحث والنقاش لما تتضمنه من نقاط جدلية وأفكار نسبية تفسر بشكل مختلف وفقاً للخلفية المعرفية والعقائدية والاجتماعية للأشخاص.

وقد تكون اليونسكو إحدى المنظمات الرائدة في تناول هذا الموضوع والتركيز عليه، حيث تستند اليونسكو في عملها في مجال المواطنة العالمية إلى الميثاق التأسيسي الذي يرمي إلى" بناء السلام في عقول الرجال والنساء"، وإلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وإطار العمل الخاص بالتعليم  حتى عام 2030، وعلى وجه الخصوص الغاية 4.7 من خطة التنمية المستدامة، والتوصية بشأن التربية من أجل التفاهم، والتعاون والسلام على الصعيد الدولي والتربية في مجال حقوق الإنسان وحرياته الأساسية.

وفي هذا الإطار، وجهت اليونسكو الدول الأعضاء لضرورة العمل وفق أطرها السياسية والتعليمية والثقافية على دمج قضية المواطنة العالمية والمعرفة والمهارات والقيم المتضمنة بها في القطاعات الممكنة؛ لنشر ثقافة المواطنة العالمية والإنفتاح المسؤول المبنى على التفكير والقيم الإنسانية السامية، ومن هذا المنطلق، قام الباحث باستطلاع للرأي لعدد من طلبة الجامعات من الأردن، وتونس والجزائر لاستقصاء آرائهم وأفكارهم حول المواطنة العالمية.

تم الحصول على 70 استجابة  باستخدام استبيان إلكتروني تم تطبيقة خلال شهر حزيران /2020، لطلبة يدرسون في تخصصات إنسانية وإجتماعية.

ُلاحظ من الشكل رقم (1) أن 44% من المستجيبين  ليس لديهم أدنى معرفة بمفهوم المواطنة العالمية،  وهذه النسبة تًعد مرتفعة في ضوء أنه من المفترض أن جميع الدول العربية  صادقت على تبني أجندة أهداف التنمية المستدامة منذ أيلول /2015، والتي تتضمن ضرورة تأهيل وتثقيف الطلبة على مفاهيم المواطنة العالمية. وفي ذات السياق، أجاب نحو 47% من المستجيبين على أن المواطنة المحلية أهم من المواطنة العالمية و31% كانت الإجابة أن المواطنة العالمية هي الأكثر أهمية وذلك رداً على سؤال حول الأهمية النسبية للمواطنة العالمية مقارنة مع المواطنة المحلية، وهذه النتيجة  تثير الاهتمام في ضوء أن نسبة كبيرة من الشباب العربي يدعون أنهم منفتحون على العالم الخارجي. وعند مقارنة هذه النتائج مع استطلاعات مشابهه في سويسرا وأمريكيا الجنوبية، يلاحظ أن الطلبة العرب لديهم تصورات لا تختلف كثيراً عن التصورات العالمية.

في عام 2017، حدد مركز بروكينغز للتعليم العام المهارات الثمانية التالية بأنها مهارات ضرورية للمواطنة العالمية:

  • التعاطف.
  • التفكير الناقد / حل المشكلات.
  • القدرة على التواصل والتعاون مع الآخرين.
  • حل النزاعات.
  • إحساس وأمن الهوية.
  •  القيم العالمية المشتركة (حقوق الإنسان والسلام والعدالة، وما إلى ذلك).
  • احترام التنوع / التفاهم بين الثقافات.
  • فهم القضايا العالمية المترابطة (البيئية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها.

 

انطلاقاً من أهمية هذه المهارات، تم طرح سؤال على المستجيبين  يتضمن أي من هذه المهارات الأكثر إلحاحاً لهم ، أظهرت النتائج أن مهارات التواصل والتعاون مع الآخرين واحترام التنوع والتفاهم بين الثقافات تُعد من أقل المهارات أهمية بالنسبة للمستجيبين بينما مهارات التفكير النقدي والتعاطف من أكثر المهارات أهمية لهم، كما يظهر في الشكل (2).

هذا يقدم للتربويين والمخططين تصوراً على ضرورة تطوير المهارات المتعلقة بالمواطنة العالمية في الجامعات العربية، فضلاً عن ضرورة  الاستثمار في توفير فرض التعليم التي تطوّر مهارات التفكير النقدي والتعاطف. وهذا يقدم أيضاً تضمينات بضرورة تغيير عملية التعليم في الجامعات بحيث تركز على تطبيق أنشطة ومهام تطور مهارات التفكير الناقد مثل التمييز ما بين الرأي والحقيقية، والواقع والخيال، وتقبل وجهات النظر المختلفة، والتفكير الناقد بديناميكيات السلطة، والصوت والنفوذ وكيفية صناعة القرار والحوكمة، وجدير بالذكر أن تنمية التفكير الناقد عند الطلبة العرب يسمح لهم بالمشاركة وتطبيق الديمقراطية على نحو فعال وعلى وجه التحديد في الدول التي انطلق منها فكر الربيع العربي.

الفكرة الثالثة التي تم طرحها على المستجيبين هي إن سبق وأن تلقوا أي تعليم حول المواطنة العالمية في بلادهم، وكما تظهر الإجابات في الشكل (3)، أن هناك عدم وعي بتقديم أي شكل تعليمي للطلبة حول موضوع المواطنة العالمية  من قبل الأنظمة التعليمية العربية.

يمكن الاستنتاج بأن كثير من الشباب العربي تأثر بظاهرة العولمة وأصبحوا منفتحين على العالم، ولكن على ما يبدو أن التأثر سطحي وعلى الشكل الخارجي. فلم يتم تعلم مهارات القرن الواحد والعشرين الضرورية للفهم الحقيقي للعولمة وتأثيراتها، حيث أن مستوى اكتساب مهارات التفكير الناقد محدودة نظراً لعدم تركيز برامج التعليم الأساسي عليها ولا برامج التعليم العالي. إضافة إلى أن التعليم من أجل المواطنة العالمية ليس من أولويات الحكومات في الدول العربية وفقاً لاستجابات المشاركين في الاستطلاع، وهذا يستوجب إعادة النظر من قِبل القائمين على النظم التعليمية سواء بالتعليم الأساسي أو الجامعي بسياساتها واستراتيجياتها التعليمية بحيث يصبح التعليم على المواطنة العالمية جزء لا يتجزأ من برامجها وخططها المستقبلية.

هذه الدعوة لم تأتِ من فراغ، بل من الأهمية الجوهرية للتعليم من أجل المواطنة العالمية، حيث أن المنتج هو امتلاك القدرة على التحليل وتعزيز اكتساب المعارف والمهارات والقيم التي تمكن الشباب من المساهمة الفعّالة في مجتمعاتهم لخلق عالماً يمتاز بالعدل والسلام والمساواة.


 

البريد الالكتروني للكاتب: abdeljalil.akkari@unige.ch

 

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

مواضيع ذات علاقة

0 التعليقات

أضف تعليقك

/* Whatsapp Share - 26-6-2023 */