للبحث الدقيق يمكنك استخدام البحث المتقدم أدناه

يعتمد البحث السريع على الكلمات الموجودة داخل عنوان المادة فقط، أما البحث المتقدم فيكون في كافة الحقول المذكورة أعلاه

الأوراق العلمية والذكاء الاصطناعي

هل من تغييراتٍ تنتظرنا؟

  • محمد معاذ

    باحث وكاتب تقني في مجال الذكاء الاصطناعي

  • ما تقييمك؟

    • ( 5 / 5 )

  • الوقت

    01:45 م

  • تاريخ النشر

    27 أغسطس 2023

لقد تمّ تطوير "تشات جي بي تي" بواسطة شركة "أوبن أيه آي" في أواخر نوفمبر من عام 2022. وهو نموذج لغوي قائمٌ على تقنية الذكاء الاصطناعي. وحاليًا هناك أكثر من 100 مليون مستخدم له. يستطيع "تشات جي بي تي" تلبية مجموعة واسعة من الطلبات النصية، بما في ذلك الإجابة على الأسئلة البسيطة، وإكمال المهام الأكثر تقدمًا كإنشاء رسائل شكر، ومعالجة مشكلات الإنتاجية، وما إلى ذلك. حتى أنه قادر على كتابة مقالات علمية كاملة عن طريق تقسيم موضوع رئيسي لمواضيع فرعية. بل بإمكانه كتابة بحثٍ كامل في غضون ثوانٍ مع أقل قدرٍ من المدخلات من قبَل الباحث.

تناقش هذه المقالة دور أدوات الذكاء الاصطناعي مثل "تشات جي بي تي" وتأثيرها على الأوراق البحثية ​

 

نظريًا، هناك إمكانية لكتابة مجموعة متنوعة من الأوراق أو إنشائها جزئيًا باستخدام أدوات مثل "تشات جي بي تي"، نذكر منها:

- أوراق تحلّل كميات كبيرة من البيانات، مثل بيانات التجارب السريرية أو السجلات الطبية الإلكترونية، وذلك بغية تحديد الأنماط والاتجاهات في مجموعات البيانات هذه بشكلٍ سريع.
- أوراق تلخّص نتائج دراسات أو تحليلات تكميلية متعدّدة. حيث بالإمكان استخراج النتائج الرئيسية منها، وتجميعها في مراجعة متماسكة.
- أوراق تستخدم تقنيات التعلّم الآلي لتطوير نماذج تنبؤية أو لتحديد عوامل الخطر.
- أوراق تستخدم تقنيات معالجة اللغات الطبيعية لتحليل البيانات القائمة على النصوص، مثل البحوث النوعية.


قد يُعدّ استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في الأبحاث مفيدًا للمهام التي تنطوي على تحليل كمياتٍ كبيرة من البيانات، أو تحديد الأنماط التي يصعب على البشر تمييزها. ومع ذلك، من المهم ملاحظة أنّ اللجوء لهذه الأدوات في البحث العلمي لا يزال جديدًا نسبيًا. وجدير بالذكر أن نشير إلى أنه أنّ معظم الأوراق في المجلات العلمية المحكمة سيكتبها البشر -على الأقلّ في المستقبل القريب-، وأن الاستعانة بالذكاء الاصطناعي يُنظَر إليه عمومًا على أنه أداة لمساعدة الباحثين البشريين، وليس بديلًا لهم.

وكما هو الحال في أيّ مجالٍ آخر، تبرز  أسباب تبعث على القلق بشأن إمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي لتوليد الأوراق العلمية. فمثلًا، هناك تخوّف من أنّ تحتوي الأوراق على أخطاء قد تؤدي إلى استنتاجاتٍ غير صحيحة أو مضلّلة. كما يمكن أن تتضمّن الأوراق الترويج لمعطياتٍ متحيزة أو تعزيز مصالح مجموعات أو فئاتٍ معينة على حساب أخرى. وعليه، ينبغي أن يكون أعضاء المجتمع العلمي على درايةٍ بتلك المخاطر، وأن يكونوا مستعدين لاتخاذ خطوات لضمان نزاهة وموثوقية البحث العلمي، بمعزلٍ عمّا إذا كان يتم إنتاجه من قبل البشر فقط، أو بمساعدة الذكاء الاصطناعي.

قد يكون من الصعب على محرري المجلات العلمية اكتشاف الأوراق التي تمّ كتابتها أو إنشاؤها جزئيًا بواسطة الذكاء الاصطناعي، حيث يمكن أن تختلف جودة الأوراق التي تم إنتاجها. نعم، قد تكون بعض الأوراق التي تم توليدها، عالية الجودة وقد يكون من الصعب تمييزها عن تلك التي يكتبها البشر، بينما قد تحتوي أوراق أخرى على أخطاءٍ أو رؤى يسهل التعرّف عليها. ففي دراسة صدرت في عام 2023، تمّ تقديم ملخّصاتٍ من إنتاج "تشات جي بي تي" إلى محكّمين أكاديميين، وقد تمكنوا فقط من التقاط 68% فقط منها، وأشاروا إلى أن التمييز كان صعبًا بشكلٍ كبير.

ومع ذلك، فهذا لا يمنع ضرورة التحقّق من دقة النتائج والشفافية بشأن الأساليب والمصادر المستخدمة في البحث. وهناك بعض الطرق التي يمكن للمحررين وكذلك المحكّمين استخدامها لمحاولة تحديد الأوراق الناتجة عن الذكاء الاصطناعي. فمثلًا، قد يبحثون عن أنماطٍ في الأسلوب واللغة المستعملة، أو قد يتحقّقون من عدم الاتّساق في بنية النص، بالمقارنة مع الأوراق التي يكتبها الإنسان. أو يمكن اكتشاف النص من خلال الاستعانة ببرمجياتٍ لاكتشاف الأنماط والتنبّؤ باختيارات الكلمات في السياقات.

قد يكون هناك نقاش حول ما إذا كانت الأوراق التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي تستوفي المعايير المتعلقة بالأصالة، أو يُنظر لها على أنها منتحلة. ولذلك نجد أن أن بعض المجلات العلمية قد اعتمدت على سياسات تحريرية تحظر النص المتولّد من الذكاء الاصطناعي أو التعلّم الآلي أو أدوات خوارزمية مماثلة.

وأمام التطور السريع لتقنيات مثل "تشات جي بي تي"، نعتقد أنه لا يمكن محاربة هذه الأدوات على اعتبار أنها باتت أمرًا واقعًا. وقد يكون النهج الأكثر فائدة هو قبول استخدامها جنبًا إلى جنب مع المعرفة العلمية للباحثين البشر، والاستعانة بها  كأداةٍ لتقليل عبء الكتابة، بل وحتى توليد أفكارٍ جديدة. كما يمكن لمثل هذه الأدوات أن تساعد العلماء في النشر بلغة غير لغتهم الأم. ولكن، ينبغي على الباحثين البشر إجراء تقييم نقدي دقيق للمخرجات قبل استخدامها في الأبحاث، وذلك نظرًا لأن "تشات جي بي تي" والأدوات المماثلة لا يمكنها تحمّل أيّ مسؤوليات في هذا الصدد. وعليه، لا ينبغي منحها حقوق التأليف، ولكن من الضروري الإفصاح بشكلٍ صريح في حال تمّ استخدامها.

 

تواصل مع الكاتب: m.maaz@arsco.org​

 


يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة

       

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

0 التعليقات

أضف تعليقك

/* Whatsapp Share - 26-6-2023 */