للبحث الدقيق يمكنك استخدام البحث المتقدم أدناه

يعتمد البحث السريع على الكلمات الموجودة داخل عنوان المادة فقط، أما البحث المتقدم فيكون في كافة الحقول المذكورة أعلاه

ملامح من واقع التعليم في الوطن العربي وتحدياته

  • ناجي بلخيري

    أستاذ محاضر / جامعة زيان عاشور – الجزائر

  • ما تقييمك؟

    • ( 5 / 5 )

  • الوقت

    01:43 م

  • تاريخ النشر

    03 أكتوبر 2023

يعد التعليم أحد الأسس الأساسية لتنمية المجتمعات ورفع مستوى حياة الأفراد. ومع ذلك، فإن واقع التعليم في الوطن العربي يواجه العديد من التحديات التي تعوق تقدمه وتطوره. ففي ظل الظروف الاجتماعية والاقتصادية المعقدة والتغيرات السريعة التي تمر بها المنطقة، يعد تحسين جودة التعليم وتعزيز فرص التعلم للجميع أمرًا ضروريًا للنهوض بالمجتمعات العربية وسنستعرض في هذه المقالة بعض جوانب واقع التعليم في الوطن العربي والتحديات التي يواجها.

منظمة المجتمع العلمي العربي

 

جوانب من واقع التعليم في الوطن العربي

العجز في التمويل:

تُعد مشكلة العجز في التمويل أحد أبرز التحديات التي تواجه التعليم في الوطن العربي. فعلى الرغم من أهمية هذا القطاع الحيوي إلا أنه يعاني من تخصيصات مالية غير كافية. وتترتب على ذلك عدة مشاكل، تؤثر سلبا على تحديث المناهج وتطوير البنية التحتية وتكوين المعلمين.

ضعف البنية التحتية:

تعاني العديد من المؤسسات التعليمية في الوطن العربي من ضعف في البنية التحتية اللازمة إذ تفتقر العديد من المدارس والجامعات إلى المختبرات العلمية المجهزة بالمعدات والتقنيات اللازمة، والمكتبات المتكاملة، والمرافق الرياضية الملائمة، مما يؤثر بالتأكيد على عملية تعلم التلاميذ ويحد من فرصهم في اكتشاف واستكشاف المواد التعليمية بشكل كامل والاستفادة منها.

مسايرة التكنولوجيا:

تواجه المنطقة العربية تحديات جمة للتمكن من أدوات التكنولوجيا خلال مهمة التعليم. فعلى الرغم من توفر التكنولوجيا في بعض المؤسسات التعليمية، إلا أن هناك نقصًا في التكوين على استخدامها بشكل فعال واستثمارها في تحسين جودة التعليم.

تحسين جودة التعليم:

تواجه العديد من المؤسسات التعليمية في الوطن العربي تحديات في تحسين جودة التعليم. يتعلق الأمر بالتكوين اللازم للمعلمين وتطوير مهاراتهم التعليمية، وتحديث المناهج الدراسية لتكون أكثر انسجامًا مع احتياجات سوق العمل والمجتمع، وتقديم طرق تقييم فعالة لقياس تحصيل التلاميذ.

 

بعض الأسباب التي صنعت واقع التعليم في الوطن العربي

ضعف التخطيط وضبابية السياسات التعليمية:

على الرغم من وجود استراتيجيات وخطط تنموية للتعليم، إلا أن تنفيذها ومتابعتها يواجهان تحديات

عديدة تتعلق بالتنسيق بين الجهات المعنية وتوفير الموارد اللازمة. بالإضافة إلى عوامل أخرى نذكر منها:

1- عدم الاستقرار السياسي حيث تعاني العديد من البلدان العربية كالعراق وليبيا وسوريا من عدم اضطرابات ونزاعات مستمرة، مما يؤثر سلبًا على عملية التخطيط والتنفيذ في قطاع التعليم تترتب عليها تقلبات في السياسات التعليمية وتأثير سلبي على استدامة الإصلاحات المطلوبة.

2- ضعف رؤية واستراتيجية التعليم، فواقع الحال في المنطقة العربية يبين أن هناك نقصا في وضوح الرؤية وتحديد الأهداف الطويلة الأمد للتعليم مما يجعل الأنظمة التعليمية بعيدة عن استراتيجيات واضحة وشاملة للتطوير والتحسين فتتشتت الجهود وينعدم تحقيق التقدم المستدام.

3- عدم التوافق بين التعليم وسوق العمل حيث يشهد نظام التعليم في بعض البلدان العربية كالجزائر عدم التوافق بين المناهج التعليمية واحتياجات سوق العمل مما يخلق فجوة مهاراتية بين الخريجين ومتطلبات سوق العمل ويؤثر على التنمية.

4- قلة التشاركية والاستشارة: إن غياب مشاركة أصحاب المصلحة من معلمين وتلاميذ وأولياء أمور ومجتمع محلي، في عملية صنع القرار التعليمي يتسبب في عدم استيعاب تحديات الواقع المحلي وعدم تلبية احتياجات المجتمع بشكل فعال.

5- نقص التنفيذ والمتابعة حيث يواجه الوطن العربي تحديات ضخمة في عملية التنفيذ الفعال للسياسات التعليمية المسطرة ويعود ذلك إلى ضعف الإدارة والمراقبة الفعالة، وعدم وجود آليات قوية لقياس وتقييم الأداء التعليمي.

ولتحسين التخطيط والسياسات التعليمية، يجب حل النزاعات الداخلية وتحقيق الاستقرار السياسي، بالإضافة إلى تضمين أهداف واضحة وشاملة للتعليم في الرؤية الوطنية، واستحداث انسجام بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل، وتثمين مشاركة جميع الأطراف في صنع القرارات.

رداءة التكوين ونقص تطوير المعلمين

إن للمعلمين دورا حاسمًا في تحسين جودة التعليم، غير أنهم يفتقرون إلى التدريب المستمر وتطوير مهاراتهم لذا وجب توفير برامج تكوينية مناسبة لتمكينهم من تبني أساليب تعليمية حديثة وفعالة. فنقص التكوين وتطوير المعلمين يعد نقطة ضعف في العديد من الأنظمة التعليمية العربية ونسرد هنا بعض الظواهر التي توضح هذا النقص:

1- غياب الاهتمام بالتطوير المهني من قبل الأنظمة التعليمية نتج عنه عدم توفر برامج مناسبة وتحفيزية لتطوير مهارات المعلمين وتعزيز معرفتهم التعليمية.

2- قلة التوجيه والمتابعة المستمرة لتطوير المعلمين الذين يحتاجون إلى دعم وإرشاد من قبل المشرفين والخبراء في المجال التربوي نتيجة افتقار الأنظمة التعليمية إلى آليات فعالة لتقييم أداء المعلمين وتقديم التوجيه اللازم لتحسين أدائهم.

3- معاناة العديد من المعلمين من نقص المهارات والمعرفة في استخدام التكنولوجيا التعليمية بشكل فعال والتي تعتبر جزءًا أساسيًا في البيئة التربوية الحديثة.

 

وللتغلب على هذه النقائص يمكن اتخاذ عدة إجراءات تشتمل على:

1- توفير وتطوير برامج تكوينية متنوعة ومناسبة لمختلف مراحل التعليم وتخصصات المعلمين والتي ستغطي مجموعة واسعة من المهارات التعليمية والاستراتيجيات التدريسية الحديثة.

2- رصد المزيد من التمويل لتطوير المعلمين، بما في ذلك توفير الدعم المالي لبرامج التكوين والموارد اللازمة لتنفيذها كتخصيص المزيد من الوقت والمشاركة في ورش العمل والدورات التدريبية.

3- وجود رؤية ثقافية تنظيمية قوية تركز على التطوير المهني للمعلمين حيث على المشرفين التعليميين إدراك أهمية دعم وتشجيع المعلمين على مواصلة التعلم وتحسين ممارساتهم.

4- إنشاء وتطوير آليات فعالة لتقييم أداء المعلمين وتوفير التوجيه والملاحظات البناءة للتحسين حيث استخدام تقنيات مثل التقييم النظير والملاحظات الصفية لتقديم تغذية راجعة فعالة وتوجيه المعلمين نحو التحسين المستمر.

5- تعزيز استخدام التكنولوجيا التعليمية بدمجها في برامج التدريب وتطوير المعلمين وتوفير التكوين على استخدام الأدوات التكنولوجية وتطبيقاتها في العملية التعليمية، مثل منصات التعلم عن بُعد.

6- تشجيع المعلمين على مواصلة التعلم وتطوير أنفسهم عبر مختلف وسائل التعلم، مثل القراءة وحضور الندوات والمؤتمرات والمشاركة في المنتديات ذات الصلة والتشجيع على إنشاء شبكات اجتماعية للمعلمين يتم من خلالها تبادل الخبرات والممارسات الجيدة.

7- يمكن ملاحظة أن دعم عملية التكوين وتطوير المعلمين يمكن أن يحسن من جودة التعليم ويساهم في تذليل التحديات الاجتماعية والثقافية كالتحفيز القائم مثلا على الحفظ والتكرار بدلاً من التعلم النشط.

8- قلة المشاركة الأسرية في العملية التعليم


تعتبر المشاركة الفعالة للأسر في عملية التعليم أمرًا غاية في الأهمية، ولكنها محدودة ومحتشمة. أسهمت في ذلك عدة عوامل نذكر منها:

1- قلة الوعي التعليمي عند الأسرة بدورها المنوط في تعليم الأطفال وتطويرهم، فبعض الأسر تفتقر إلى المعرفة بالأساليب والاستراتيجيات التعليمية الفعالة، أو إلى معلومات حول مواضيع التعليم.

2- ضغوط الحياة والوقت: يعيش العديد من الأهالي حياة مشغولة ومليئة بالضغوط كالعمل المكثف أو التزامات مادية واجتماعية مما يؤثر على الوقت المتاح للمشاركة الأسرية في التعليم بشكل فعال.

3- قلة الموارد والدعم: قد يواجه بعض الأهالي صعوبة في توفير الموارد اللازمة لدعم تعليم الأطفال من كتب ومواد التعليمية في المنزل، أو قد يكون هناك صعوبة في الوصول إلى الدعم الخارجي مثل المراكز التعليمية أو المدرسين الخصوصيين.

4- تأثير الثقافة والتقاليد المجتمعية على مشاركة الأسرة في التعليم بتفضيل التركيز على التعليم المدرسي الرسمي دون الاهتمام الكافي بالمشاركة الأسرية باعتبار التعليم مسؤولية المدرسة فقط.

5- قلة في التواصل المنتظم والتفاعل بين الأسرة والمدرسة لمناقشة تقدم الطفل واحتياجاته التعليمية.

ولتعزيز المشاركة الأسرية في التعليم، يمكن للأهل اتباع بعض الخطوات مثل: الاهتمام بالتواصل مع المدرسين والمشاركة في اجتماعات المدرسة وإيجاد وقت منتظم للتفاعل مع الأطفال.

 

الخاتمة

يواجه التعليم في الوطن العربي تحديات كبيرة تتطلب جهودا مشتركة من الحكومات والمؤسسات التعليمية والمجتمع بأسره، ولتذليل هذه التحديات والعقبات يجب تعزيز التمويل المادي وتحسين البنية التحتية وتكامل التكنولوجيا في التعليم. كما ينبغي تطوير سياسات تعليمية فعالة وتكوين المعلمين ودعم ثقافة المشاركة الأسرية. من خلال التركيز على هذه الجوانب، يمكن تحقيق تطور حقيقي في واقع التعليم في الوطن العربي وتمكين الأفراد من فرص التعلم والنمو.

 

المراجع:

1- Carnoy, M., & Loeb, S., Does external accountability affect student outcomes? A cross-state analysis. Educational Evaluation and Policy Analysis, 2002,  24(4), 305-331.

2- Darling-Hammond, L., Hyler, M. E., & Gardner, M, Effective teacher professional development. Learning Policy Institute. 2017.

3- Ingersoll, R. M., & Strong, M. The impact of induction and mentoring programs for beginning teachers: A critical review of the research. Review of Educational Research, 2011, 81(2), 201-233.

4- Desimone, L. M., Porter, A. C., Garet, M. S., Yoon, K. S., & Birman, B. F., Effects of professional development on teachers' instruction: Results from a three-year longitudinal study. Educational Evaluation and Policy Analysis, 2002, 24(2), 81-112.

5- Yoon, K. S., Duncan, T., Wen-Yu Lee, S., Scarloss, B., & Shapley, K., Reviewing the evidence on how teacher professional development affects student achievement (Issues & Answers Report, REL 2007–No. 033). Regional Educational Laboratory Southwest., 2007.

6- Oscar J-C., The Power of Parents: A Critical Perspective of Bicultural Parent Involvement in Public Schools. Edward M. Olivos, New York: Lang, 2006, 133 pages. Journal of Latinos and Education, 2006, 6(4), 353-355.[28/09/2023].

7- Anne T. Henderson, Karen L. Mapp, Vivian R. Johnson, and Don D., Beyond the Bake Sale: The Essential Guide to Family-School Partnerships, Journal of School Choice, 2012, 6(3),  427-430.

8- Noel E., Kelty and Tomoko W., Family Engagement in Schools: Parent, Educator, and Community Perspectives, SAGE Open, October-December 2020: 1–13.

 


تواصل مع الكاتب: belkheirinadji@yahoo.fr​

 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء المؤلفين وليست، بالضرورة، آراء منظمة المجتمع العلمي العربي


يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة

       

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

مواضيع ذات علاقة

0 التعليقات

أضف تعليقك

/* Whatsapp Share - 26-6-2023 */