للبحث الدقيق يمكنك استخدام البحث المتقدم أدناه

يعتمد البحث السريع على الكلمات الموجودة داخل عنوان المادة فقط، أما البحث المتقدم فيكون في كافة الحقول المذكورة أعلاه

سلسلة روائع الكائنات الدقيقة

البكتيريا المغناطيسية

  • الكاتبون : أ. د. عبدالرؤوف المناعمة - روان حسن ريده

  • ما تقييمك؟

    • ( 4 / 5 )

  • الوقت

    05:40 م

  • تاريخ النشر

    12 سبتمبر 2017

سلسلة روائع الكائنات الدقيقة

عالَمٌ واسع وغير مرئي، لم نكن نعرف عنه شيئاً تقريباً قبل 100 عام، ومنذ اكتشاف هذه المخلوقات الدقيقة لم تتوقف عن إذهال البشر  بقدراتها المتنوعة والرائعة، والتي مكنتها من استعمار  معظم البيئات وأداء أدوارها المحورية على كوكب الأرض. كما أنها فتحت شهية البشر  لترويضها والحصول على كنوزها المختلفة. في هذه السلسلة من المقالات سنتعرض لمجموعات متنوعة من البكتيريا والكائنات الدقيقة ذات قدرات خاصة تميزها وتجعلها محطّ الاهتمام والدراسة.

مجموعة من البكتيريا متعددة الأشكال من بدائيات النوى Prokaryotes))، سالبة الغرام ((Gram-Negative، تم اكتشافها من قبل ريتشارد بلاكيمور في عام 1975م، عندما لاحظ مجموعة من البكتيريا تحت الميكروسكوب متخذة وضعية متشابهة واتجاهاً واحداً. وتمتاز البكتيريا المغناطيسية بقدرتها على الانتقال على طول خطوط المجال المغناطيسي، ويساعدها على ذلك امتلاك عضيات داخل الخلايا، تُعرف باسم "الجسيمات النانوية المغناطيسية" (Magnetosomes)، والتي تتكون من بلورات من معادن الحديد المغناطيسي مثل Fe3O4 أو Fe3S4،  وتكون مغلفة بطبقة دهون ثنائية. وتستطيع البكتيريا التحكم في تركيب وحجم وشكل البلورة المعدنية، إضافة إلى اتجاه نموها.

وتمّت ملاحظة أشكال مختلفة لتلك الجسيمات المغناطيسية تحت المجهر، من بينها: الشكل ثماني الوجوه، وشكل الرصاصة، وشكل المنشور الممتد، وكذلك شكل المستطيل. تعد عملية تشكيل الجسيمات المغناطيسية عملية معقدة إلى حد ما، وتتضمن عدة خطوات منفصلة بما فيها تشكيل حويصلة الجسيم، وامتصاص الخلية للحديد المتواجد خارجها، ونقل الحديد إلى داخل الحويصلة، والتحكم البيولوجي في تمعدن Fe3O4 أو Fe3S4 داخل حويصلة الجسيم.

تستوطن البكتيريا المغناطيسية في الرواسب والمسطحات المائية ذات الطبقات الكيميائية الرأسية، وتستخدم الأسواط الحلزونية للحركة. تقوم المحركات المغناطيسية لتلك البكتيريا بتوجيهها شمالاً على خطوط الطول في نصف الشمالي من الكرة الأرضية، وجنوباً على خطوط الطول في نصف الجنوبي من الكرة. وسبب هذا السلوك غير معروف على وجه التأكيد، ولكن يُعتقد أن التحرك في اتجاه أقرب قطب مغناطيسي يساعدها في الوصول للمناطق ذات التركيز الأمثل للأكسجين (التركيز المناسب لنوعها). وتجدر الإشارة إلى أن البكتيريا المغناطيسية تتحرك في كلا الاتجاهين على طول خط الاستواء.

تختلف البكتيريا المغناطيسية في الشكل، فهناك المكورات، وهناك الأنواع اللولبية، والملوية، والأشكال متعددة الخلايا. كما تختلف البكتيريا المغناطيسية في التوزيع الجغرافي، فنعثر على الأنواع المنتجة للأكاسيد في بيئات المياه العذبة، والتي تمتد من أمريكا الشمالية إلى آسيا. كما نجد البكتيريا المغناطيسية في أكثر البيئات تطرفاً، مثل بحيرة مونو في ولاية كاليفورنيا، حيث القلوية والملوحة فيها، والتي تتسبب في انخفاض ذوبان الحديد، فيجعل من نجاة البكتيريا أمراً صعباً. إضافة إلى ذلك، يمكن أن نجد البكتيريا المغناطيسية داخل طبقات الأكسجين في البيئات البحرية، وعادة بالقرب من الطبقة الرسوبية. وعلى الرغم من وفرة هذه البكتيريا وتنوع أماكن وجودها، إلا أنه يصعب عزلها وتنميتها. ولهذا السبب، كان البحث في هذا المجال بطيئاً في بعض الأحيان. ولكن، مع التطور في التكنولوجيا الحيوية والتكنولوجيا المغناطيسية، تم إحراز بعض التقدم فيما يتعلق بتنميتها.

تم عزل عدد محدود من البكتيريا المغناطيسية حتى الآن، من بينها:

  • Magnetospirillum gryphiswaldense MSR-1
  • Magnetospirillum magneticum AMB-1
  • Magnetospirillum magneticum MGT-1
  • Magnetovibrio MV-1
  • Magnetococcus sp. MC-1
  • Marine magnetic spirillum QH-2
  • Magnetospirillum sp. WM-1
  • Magnetospirillum magnetotacticum MS-1

وقد تم عزل عدد محدود من البكتيريا المغناطيسية حتى الآن، من إن الخصائص التي تمتاز بها هذه البكتيريا أدت إلى استغلالها في مجموعة متنوعة من التطبيقات في العلوم البيولوجية والطبية الحديثة. واحدة من أبسط التطبيقات للبكتيريا المغناطيسية تكمن في قدرتها على الكشف عن المجالات المغناطيسية في المواد. فقد تم استخدام خلايا البكتيريا المغناطيسية في تحديد الأقطاب المغناطيسية في النيازك والصخور التي تحتوي على المعادن المغناطيسية. كما تُعد البكتيريا المغناطيسية مفيدة في البيئات المائية، فقد وضع الباحثون مقياس المغناطيسية الميكروبي (microbial magnetometer) للتنبؤ بنضوب الأكسجين في الرواسب القاعية، من خلال تعقب هذه البكتيريا، باستخدام جهاز استشعار مغناطيسي يحدد قوة مغناطيسيتها وموقعها. كما افترض الباحثون إمكانية استخدام البكتيريا المغناطيسية في تنقية المياه الملوثة بالمعادن، بحيث يتم تمرير المياه الملوثة بالمعادن في وعاء يحتوي على بيئة غذائية تحتوي على البكتيريا المغناطيسية، فتقوم البكتيريا بالارتباط بتلك المعادن وحملها على طول خط يصل إلى منطقة يمكن جمع البكتيريا فيها والتخلص منها.

البكتيريا المغناطيسية لديها كذلك العديد من التطبيقات المحتملة في مجال روبوتات النانو (nanorobotics). فقد افترض الباحثون أن الجسيمات النانوية المغناطيسية المعزولة يمكن أن تعمل كنظام توجيه وقوة متكاملين من شأنه أن يدفع روبوتات النانو إلى مناطق الخلية التي يمكن الوصول إليها فقط من خلال الشعيرات الدموية الصغيرة. كما ويمكن الاستفادة من الجسيمات النانوية المغناطيسية بعد عزلها في علاج السرطان باستخدام ارتفاع الحرارة المغناطيسي، حيث يتم إرسال الجسيمات إلى الأورام ثم يتم تسخينها باستخدام حقل مغناطيسي متردد، فتقوم الحرارة بقتل الخلايا السرطانية، وهذا ما يعرف بعلاج الأورام من خلال قتلها بالحرارة. ونظراً لوجود مجموعات كيميائية مختلفة على سطح الجسيمات المغناطيسية، فإن بالإمكان الاستفادة منها في توصيل عقاقير السرطان مثل دوكسوروبيسين Doxorubicin على سبيل المثال. فقد أظهرت الدراسات أن ربط الدوكسوروبيسين بالجسيمات المغناطيسية، أدى إلى رفع النشاط المضاد لسرطان الكبد من 79%، عند استخدام الدوكسوروبيسين وحده، إلى 87%، عند ربطه بتلك الجسيمات. وتكمن ميزة استخدام الجسيمات المغناطيسية في سُمِّيَتها المنخفضة. ومن المعروف أن الدوكسوروبيسين شديد السُّمِّيّة، ومرتبط بنسبة وفيات تصل إلى 80%، بينما ربطه بالجسيمات المغناطيسية يعمل على خفض معدلات الوفيات إلى نسبة 20%.

يمكن استخدام الجسيمات المغناطيسية في تطبيقات أخرى، مثل الكشف عن تعدد الأشكال (polymorphism)، وهو أمر مفيد لتشخيص بعض الأمراض مثل السرطان وارتفاع ضغط الدم أو السكري. كما وتساعد أحجام الجسيمات الصغيرة، ومغناطيسيتها المرتفعة في جعلها خياراً مثالياً لتطبيقات فصل الخلايا كاستخلاص الحمض النوويDNA . ويمكن استخدام الجسيمات المغناطيسية في الفحوصات المناعية (immunoassays)، للكشف عن بعض الجزيئات الصغيرة كالملوثات، والهرمونات، والمنظفات السامة، بحيث يتم تركيب الأجسام المضادة لتلك الجزيئات على سطح الجسيمات المغناطيسية، ومن ثم تتبعها والكشف عنها. والحقيقة أن التطبيقات المقترحة يصعب حصرها في هذا المقال نظراً لكثرتها وتنوعها. ويتوقع أن تكون تنمية البكتيريا المغناطيسية في المختبرات بشكل مكثف، يضمن إنتاج كميات كافية من الجسميات المغناطيسية، هو محط اهتمام العلماء في المرحلة القادمة وذلك نظراً لصعوبة تنميتها. ­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­


المقال بصيغة PDF للقراءة والتحميل أعلى الصفحة
 

لمزيد من الاطلاع

 

  • أ.د. عبدالرؤوف علي المناعمة (دكتوراه في الأحياء الدقيقة، الجامعة الإسلامية في غزة)
  • روان حسن ريده (ماجستير أحياء دقيقة، الجامعة الإسلامية في غزة)

 

البريد الإلكتروني للكاتب: elmanama_144@yahoo.com

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

مواضيع ذات علاقة

0 التعليقات

أضف تعليقك

/* Whatsapp Share - 26-6-2023 */