للبحث الدقيق يمكنك استخدام البحث المتقدم أدناه

يعتمد البحث السريع على الكلمات الموجودة داخل عنوان المادة فقط، أما البحث المتقدم فيكون في كافة الحقول المذكورة أعلاه

الفلسفة التربوية للطب الإسلامي 1

  • الكاتب : د. هند عبدالله بشير

    منظمة المجتمع العلمي العربي

  • ما تقييمك؟

    • ( 5 / 5 )

  • الوقت

    01:09 م

  • تاريخ النشر

    19 مايو 2014

قبل البدء بتطوير الطب فلنتأمّل بالفلسفة التربوية للطب الإسلامي. يوضح لنا علم النفس الحديث أن هناك عدد من مستويات التغيير أو التأثير على الإنسان أو النظام أو المؤسسة أو المجتمع تدعى المستويات الذهنية المنطقية وهي:

  1. مستوى البيئة: أين و متى يكون هذا التغيير.
  2. مستوى السلوك: ما هو التغيير المطلوب ؟ ما الذي يجب فعله في ذلك الزمان و ذلك المكان كي يتم التغيير.
  3. مستوى القدرة و المهارة : كيف يحصل التغيير ؟ كيفية استعمال القدرات و المهارات لإحداث التغيير.
  4. مستوى المعتقدات و القيم : لماذا يراد التغيير؟ وهو أمر يتعلق بمعتقدات الإنسان و قيمه، لتبرير عملية التغيير.
  5. مستوى الهوية: من الذي سيحصل له التغيير وما هو دوره ؟
  6. المستوى الروحي: و أخيراً بمن  يتصل هذا التغيير، على مستوى العالم أو الكون ؟

وقد اكتشف هذه المستويات العالم الأنثروبولوجي غريغوري باتيسون عام 1972م وإنّ القرآن الكريم يتحدث عن سنن التغيير التي توجه الظواهر الاجتماعية، فهو يشير إلى التغيير الإيجابي عند قوله تعالى: ((إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)) الرعد:11. وهو يشير إلى التغيير الاجتماعي السلبي عند قوله تعالى: ((ذلك بأن الله لم يك مغيّراً نعمة أنعمها على قوم حتّى يغيّروا ما بأنفسهم )) الأنفال: 53، ويشير القرآن الكريم إلى أن التغيير لا يكون مثمراً إلا إذا وجّهته قوانين التغيير نفسه و إن أهم هذه القوانين: أن يبدأ التغيير في محتويات الأنفس، ثم يعقبه التغيير في الميادين الحياتية الخارجية المختلفة. ومحتويات الأنفس ذات معنى واسع، يشمل الأفكار والقيم والثقافة والاتجاهات والعادات والتقاليد، كما يشمل التصور عن المنشأ والكون و الحياة والمصير، و يشمل نوع الإرادات النفسية إن كانت تقتصر على إرادات بقاء الجسم البشري و متطلباته في الأمن والاحترام والعدل والإحسان.

بل إن القرآن الكريم يؤكد على أن التغيير لا يمكن أن يحدث إلا إذا قام القوم مجتمعين – و ليس فقط الأفراد – بتغيير أنفسهم لتنعكس آثار هذا التغيير على جميع أحوال هؤلاء القوم. و إن التغيير لن يثمر إلا إذا أحسن القوم التغيير التربوي والفكري، حيث يتبع التغيير التربوي و الفكري التغيير المثمر في كافة المجالات الأخرى. ويؤكد علم النمذجة الذي يعمل على نقل نموذج التفوق البشري في مجال ما لمن يحتاجه في نفس المجال، أن استنباط المعتقدات والقيم والعادات والاستراتيجيات هي أهم مرحلة في عملية النمذجة بعد تحديد قدوات التفوق و دراستها التحليلية و المكثفة، لأنه بناء على التباين و الفروق أو الفجوة بينها وبين النموذج المحتاج غير المتفوق ستحدد احتياجات التغيير أو التطوير وسيعاد صياغة نموذج النجاح المطلوب بما يتناسب مع الخصائص الذاتية للنموذج المحتاج و ظروف بيئته الزمانية و المكانية.

وعلى ضوء ما سبق فإنه لمن المهم و قبل البدء بأي عملية تطوير للواقع العلمي عموماً و الطبي خصوصاً في الوطن العربي، أن نستفيد من أعظم تجربة تاريخية للتفوق و التميز العلمي و الحضاري الإنساني في نفس الوقت، أقصد الحضارة الإسلامية المعجزة التي يجمع العالم بأسره على تفرّدها و فضلها الأصيل في تأسيس و تطوير المنهج العلمي بمفاهيمه و معاييره التجريبية الدقيقة. هي ليست دعوة إلى الوراء و التغني بأمجاد الأجداد في زمن تتسارع فيه عجلة التطور إلى الأمام و يتغنى فيه العالم القوي بريادته و سيادته، بل هي دعوة لاستنهاض موضوعي للهمم العربية لبدء التحرك العلمي الممنهج الذي يوازن حضارياً ما بين الأصالة و المعاصرة، و يساعد بإذن الله على اللحاق بقطار التطور و استرداد الريادة الحضارية الإسلامية، لأن العالم اليوم أحوج ما يكون إليها بما تحمله من خيرية إنسانية عامة. وفي هذا البحث سنتناول أهم المعتقدات و القيم التي كان يؤمن بها علماء و أطباء الحضارة الإسلامية و أهم الاستراتيجيات و السبل التي قاموا بها حتى تحققت عندهم الكفاءة الإيمانية و الأخلاقية مع الكفاءة العلمية و العملية الحياتية و بشكل متوازن و جميل جداً. 

المعتقدات الروحية والغيبية وأهم القيم والمبادئ عند علماء الطب المسلمين

  • الإيمان بالله تعالى والتقوى: الايمان بالله تعالى وكل غيب أخبر به، وحبّه و حبّ رسوله الكريم، واتباع شرعه سبحانه وهديه صلى الله عليه وسلم والانضباط به، والسعي الدائم لنيل رضاه تعالى، و اللجوء له والتضرّع إليه في المسائل.

    فهذا ابن سينا يوضّح في حديثه التالي عن اتصاله الدائم بالله تعالى حتى وهو يقوم في منهجه العلمي والعملي. فيقول: ((فكل حجّة كنت أنظر فيها أثبت مقدّمات قياسيّة، وأرتّبها في تلك الظهور، ثم نظرت فيما عساها تنتج، وراعيت شروط مقدّماته، حتى تحقّق لي حقيقة الحقّ في تلك المسألة، وكلّما كنت أتحيّر في مسألة ولم أكن أظفر بالحد الأوسط في قياس، تردّدت إلى الجامع، و صلّيت وابتهلت إلى مبدع الكلّ، حتى فتح لي المنغلق، وتيسّر المتعسّر)). وهذا هو النجيب السمرقندي الطبيب الحكيم. و كان كغيره من ثمار الحضارة الإسلامية، حيث يمتزج عندهم العلم بالتقوى، وحيث يرى العالم أنّ ما حصّله من علوم هو من فضل الله عليه، بعكس حضارات قديمة كانت ترى العلم منتزعاً من الإله انتزاعاً، و ترى أن كل تعلّم جديد هو ارتفاع بالإنسان و انحطاط بالإله، كان النجيب السمرقندي يكتب في أول كتابه الأهم هذه العبارة الخالدة: (الحمد لله على نعمائه السابغة).
     
  • التكاملية بين العلم و الدين والأخلاق والحياة: فهذا هو الرازي المعلّم والمدرّس، فهو لم يكن عالماً فقط، بل كان إنساناً خلوقاً من الدرجة الأولى. فقد اشتهر بالكرم و السخاء، وكان بارّاً بأصدقائه ومعارفه عطوفاً على الفقراء و بخاصة المرضى، فكان ينفق عليهم من ماله الخاصّ، ويجري عليهم أحياناً الرواتب الثابتة وكان يوصي تلامذته أن يكون هدفهم هو إبراء المرضى أكثر من نيل الأجور، وأن يكون اهتمامهم بعلاج الفقراء تماماً كاهتمامهم بعلاج الأمراء والأغنياء، بل إن من شدة اهتمامهم بالفقراء ألف لهم كتاباً خاصاً سمّاه (طب الفقراء) وصف فيه الأمراض.

 

المقال كاملاً تجدونه في ملف الـ PDF أعلى الصفحة

 

البريد الإلكتروني للكاتب : dr.m.hind@gmail.com

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

مواضيع ذات علاقة

0 التعليقات

أضف تعليقك

/* Whatsapp Share - 26-6-2023 */