من المفترض ان ليبيا تسعى سعياً دؤوباً لتلحق بركب الأمم المتحضرة و المتقدمة، ومن المعروف أن الكهرباء والطاقة بصفة عامة هي المحرك الرئيسي للتنمية المتواصلة، عليه يجب على جهازنا التنفيذي وخاصة وزارة الكهرباء والطاقات المتجددة والمؤسسة الوطنية للنفط و وزارة النفط والغاز ومجلس الطاقة وضع الخطط والدراسات للنهوض بهذا القطاع الهام باعتباره العامل الأساسي الذي تنهض عن طريقة كافة القطاعات والمجالات.

بالتالي من هذا المنطلق اقترح في مقالي هذا العمل على إنشاء مجلس بحوث الكهرباء والطاقة يتبع لرئاسة مجلس الوزراء مهمته وضع دراسات المشاريع التي تتوافق مع الخطط القومية للدولة الليبية واحتياجاتها البحثية في قطاع الكهرباء والطاقة لتواكب تطورات العصر والتكنولوجيا المتقدمة، ويجب ان تتبلور مهام هذا المجلس في وضع الخطط البحثية لكي تتكامل الرؤى المعبرة عن متطلبات التنمية في الدولة الليبية بالإضافة الى التنسيق بين أعمال المجلس والمجالس والمراكز والجامعات والجهات الأخرى التي لها علاقة بنفس المجال، ومن ثم اقتراح و تبني المشروعات البحثية التطبيقية ومتابعة التعاقد عليها وتنفيذها، كذلك عقد ندوات تتناول انجازات المشروعات البحثية التي انتهت تحت اشراف هذا المجلس التي لها تأثير كبير على خطط التنمية في دولة ليبيا مع وضع رؤية مستقبلية لأنشطة المجلس في المرحلة المستقبلية وعلى هذا المجلس ممارسة مهامه الموكلة إليه بوضع خطة البحوث والدراسات واقتراح الأولوية  لمشروعات الخطة الخمسية الأولى من 2015 – 2020 تم الخطة الخمسية الثانية من 2020 – 2025 تم الخطة الخمسية الثالثة من 2025- 2030 من خلال اطار محدد يحتوي على مؤشرات وخطوط عريضة تتماشى مع توجهات الدولة الليبية التنموية لغرض تطوير مصادر الطاقة والعمل على دراسة البدائل المتاحة و اختيار أفضلها ورفع كفاءة تشغيلها.

 وفي هذا المقال نود ان نقدم لكم بعض تفاصيل بالبحوث التي يجب ان تتضمنها الخطة الخمسية الاولى والثانية حيث يجب أن يتم التركيز على محورين الأول هو تحلية المياه باستخدام بدائل الطاقة المختلفة سواء كان نووي أو شمسي أو حراري أو رياح، و المحور الثاني متطلبات الطاقة في المدن الليبية وعلاقتها بخطط التنمية في كافة المدن والقرى الليبية الشرقية والغربية والجنوبية عن طريق إنشاء مشروعات يتم التعاقد عليها لتوطين مصادر الطاقة في هذه المناطق لتسهم في تنميتها ومن ثم استقرار السكان بها لكي تصبح بيئة جالبة للسكان لا طارده. ورؤيتي المستقبلية لمجلس بحوث الكهرباء والطاقة الليبي أنه سوف يسهم في توطيد العلاقة بين معدل زيادة الدخل القومي للدولة الليبية ومعدل زيادة استهلاك الطاقة الكهربائية باعتبار اليوم أصبح يقاس تقدم الأمم و الدول بمقدار استهلاك الفرد سنوياً من الكهرباء وتعتبر الطاقة نقطة تقاطع في قضايا التنمية في العالم اليوم، عليه من الضروري أن يؤدي البحث العلمي دوراً رئيسياً في تنمية موارد الطاقة خاصة بعد ظهور علامات واضحة بأن موارد الطاقة التقليدية تتجه نحو النضوب.

 من هذا المنطلق هناك حاجة ماسة وملحة للبحث عن مصادر جديدة ومتجددة للطاقة على شرط ان تكون صديقة للبيئة. كما يجب أن تكون كافة المشاريع التي يتم التخطيط لها في هذه الخطط الخمسية الحالية و المستقبلية تركز على الاستخدام الأمثل للطاقة في صورها المختلفة والإنتاج الاكفاء للطاقة وعلى كافة الليبيين خاصة اصحاب القرار السياسي والاقتصادي والمالي في الدولة الليبية أن يعوا جيداً أن مقالي هذا يتحدث عن شريان الحياة بالنسبة لليبيين كافة لأننا ممكن أن نجوع ويمكن حصول أي شيء للطاقة لأن هذا يعني انهيار كامل لكل الاقتصاد القومي للدولة الليبية، بالتالي تصدير البترول والغاز بالشكل الذي نحن عليه اليوم هو فعل انتحاري، لأنه يقودنا الى استنزافه في اقصر زمن وبالتالي نحرم الأجيال القادمة من حقها فيه و هذا ليس عدلاً، و حتى أكون منصف في هذا المقال يجب علينا الرجوع الى موضوع ترشيد استلاك الطاقة واسعارها والعمل على وضع اللوائح و القوانين اللازمة لذلك وتطبيقها في كافة المدن الليبية و نضع شروط يتم الالتزام بها عند الشروع في بناء مباني جديدة من ضمن شروط تراخيص بنائها استخدام الطاقة الشمسية و ترشيد الطاقة.

وبخصوص أسعار الطاقة في ليبيا اليوم فإنها تضر بالاقتصاد القومي للدولة الليبية فسعر الكهرباء والبنزين والجازولين وغيرها من مشتقات البترول مدعومة من الدولة و هي رخيصة جداً، أرخص من الماء في كافة دول العالم و للعلم سعر انبوبة الغاز في دول حوض المتوسط ماعدا ليبيا يتراوح ما بين 5- 15 دينار ليبي و في كافة دول أوروبا أكثر من 15 دينار ليبي وتركيا 7 دينار ليبي وفي ليبيا 3 دينار وسعرها بالنسبة لوزارة الكهرباء والغاز الليبية نحو 6 دينار ليبي.

وأخيراً يقع على عاتق مجلس  بحوث الكهرباء والطاقة في ليبيا و الجهات الأخرى المختصة في نفس المجال التوسيع في برامج وندوات ومؤتمرات ذات العلاقة بمصادر الطاقة و انتهاج الخطط و البرامج ذات الجذوة الاقتصادية والتعامل مع الخطط التنموية بلوائح وقوانين تساعد على تنوع مصادر الطاقة والاخذ بالوسائل والطرق والتكنولوجيا المتطورة للوصول إلى الغاية المنشودة من الكمية والكفاءة الطاقية، وهذا لن يحصل إلا بالبحث العلمي في كافة أنواع مصادر الطاقة بما فيها النووية والشمسية والرياح وتقنين الاستهلاك من المصادر التقليدية (النفط والغاز) والعمل على ترشيد استهلاك الطاقة مع جلب احدث التكنولوجيا العصرية لكافة انواع مصادر الطاقة عن طريق التعاقد مع الدول و الشركات العالمية ذات العلاقة بهذه التكنولوجيا.

البريد الالكتروني للكاتب: muftahmahmoud4455@gmail.com